أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
إذا استمرالطرفان الموظف وجهة الإدارة في تنفيذ العقد والعمل بموجبه بعد إنتهاء المدة المحددة في العقد، فإن ذلك الإستمرار يعتبر تجديداً للعقد لمدة غير محددة حسبما ورد في قانون الخدمة المدنية أو يعتبر تجديداً للعقد لمدة لاتزيد على سنة حسبما نصت عليه اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية، والتجديد للعقد في هذه الحالة إعتباري أو حكمي بحكم القانون، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 30-12-2014م في الطعن رقم (55335)، الذي قضى بأن:
((نعي الطاعن مردود عليه بما ابان عنه الحكم الاستئنافي في حيثياته التي تضمنت الاستناد إلى المادة (232) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية التي نصت على (إنتهاء العقد بانتهاء مدته إذا كان محدد المدة، فإذا استمر الطرفان في تنفيذ بنود العقد بعد إنقضاء مدته اعتبر مجدداً لمدة غير محددة لا تتجاوز السنة)، ومن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه بإعتبار العقد قد تجدد لمدة سنة قد جاء وفقاً لصحيح القانون))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: مفهوم الإستمرار بالعمل بالعقد بعد إنتهاء مدته:
الأصل أن العقد ينتهي بإنتهاء المدة المتفق عليها المذكورة في العقد بإعتبار العقد شريعة المتعاقدين، وقد نص القانون المدني صراحة على أن العقد ينتهي بإنتهاء مدته، وكذا نص على ذلك قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية ، بيد أنه قد يستمر الطرفان المتعاقدان في تنفيذ العقد بعد إنتهاء المدة المتفق عليها في العقد، وعندئذٍ يعتبر العقد قد تجدد بحكم القانون الذي نص على ذلك.
وبتطبيق هذا المفهوم على العقد الذي تبرمه جهة الإدارة مع الموظف للعمل لديها لمدة معينة، فإن الإستمرار في العمل بالعقد من قبل الطرفين بعد إنتهاء مدته يعني أن الموظف يستمر بتنفيذ الأعمال المسندة له بموجب العقد وذلك بعد إنتهاء العقد في حين تستمر جهة الإدارة من جانبها بتسليم الموظف أو العامل الأجر المتفق عليه، كما لو أن مدة العقد لم تنته بعد.
الوجه الثاني: استمرار الطرفين في العمل بالعقد بعد إنتهاء مدته يعتبر في حكم القانون تجديدا للعقد المنتهي:
نصت المادة(119 ) من قانون الخدمة المدنية على أن (تنتهي خدمات الموظف بأحد الأسباب الآتية: -هـ- إنتهاء مدة العقد إذا كان محدد المدة، وإذا استمر الطرفان في تنفيذه بعد إنقضاء مدته اعتبر العقد مجدداً لمدة غير محددة)، كما نصت المادة (232) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية على أن (تنتهي خدمة الموظف بأحد الأسباب الآتية: -هـ- إنتهاء مدة العقد إذا كان محدد المدة فإذا استمر الطرفان في تنفيذ بنود العقد بعد إنقضاء مدته أعتبر مجدداً لمدة غير محددة لا تتجاوز سنة)، فالنصان السابقان يصرحا بأن العقد يعتبر مجددا إذا استمر الموظف المتعاقد وجهة الإدارة في تنفيذ بنود العقد والعمل بموجبه بعد إنتهاء مدته، وهذا يعني أن القانون يتعامل في هذه الحالة مع العقد المنتهي على أنه قد تجدد بحكم القانون، وفكرة التجديد للعقد تعني استمرار العقد الذي انتهت مدته بكافة شروطه وبنوده.
الوجه الثالث: التجديد الإعتباري للعقد والتجديد الضمني له:
التجديد الحكمي أو الإعتباري للعقد مع الموظف هو التجديد الذي يكون بحكم القانون حسبما هو مقرر في المادة (119) من قانون الخدمة المدنية التي نصت على أن (تنتهي خدمات الموظف باحد الأسباب الآتية: -هـ- إنتهاء مدة العقد إذا كان محدد المدة، وإذا استمر الطرفان في تنفيذه بعد إنقضاء مدته اعتبر العقد مجدداً لمدة غير محددة)، وقد ورد مثل هذا النص في اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية وذلك في المادة (232) السابق ذكرها في الوجه الثاني فالنصان قرارا صراحة بأن العقد يتجدد إذا استمر الطرفان في تنفيذ بنود العقد بعد إنتهاء مدته ، وقد وردت عبارة زائدة في نهاية نص اللائحة وهي عبارة (لمدة غير محددة لا تتجاوز سنة)، في حين أن النص الوارد في القانون قد جعل المدة التي يتجدد فيها العقد غير محددة.
فالنصان الواردان في القانون واللائحة يصرحا بأن العقد يعتبر مجددا إذا استمر الطرفان في تنفيذ بنود العقد بعد انتهاء مدته، وهذا يعني أن التجديد يقع بحكم القانون حسبما سبق بيانه، اما التجديد الضمني فهو استمرار الأشخاص في تنفيذ العقد بعد إنتهاء مدته، إذ أن إستمرارهم يكشف عن أن إرادة الطرفين المتعاقدين قد اتجهت إلى تجديد العقد ضمنياً لمدة غير محددة هذا اذا لم يرد في القانون نص يصرح باعتبار الإستمرار تجديداً للعقد، اما اذا ورد في القانون نص على اعتبار الإستمرار تجديداً للعقد فإن التجديد يكون بجكم القانون وليس تجديداً ضمنياً.
الوجه الرابع: مدة التجديد الإعتباري للعقد مع الموظف:
من خلال إستقراء نص المادة (119) من قانون الخدمة المدنية والمادة (232) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة نجد أن قانون الخدمة قد صرح بأن المدة التي يتجدد خلالها العقد مطلقة أي غير محددة بمدة معينة، فليس لها حد أدنى أو حد أقصى، في حين أن اللائحة قررت أن الحد الأقصى لمدة التجديد يكون سنة من تاريخ إنتهاء مدة العقد مع الموظف، علماً بأن النص الوارد في القانون لم يحيل إلى اللائحة أمر تحديد المدة.
الوجه الخامس: إنتهاء العلاقة العقدية بين الموظف والإدارة بإنتهاء مدة العقد إذا لم يستمر الطرفان في تنفيذ العقد بعد إنتهاء مدته:
يفهم من خلال إستقراء نص المادة (119) من قانون الخدمة المدنية والمادة (232) من اللائحة التنفيذية أن العلاقة العقدية بين جهة الإدارة والموظف تنتهي بإنتهاء المدة المحددة في العقد التي تم الإتفاق عليها عند التوقيع على العقد، وذلك إذا لم يستمر الطرفان المتعاقدان في تنفيذ العقد بعد إنتهاء مدته، لأن الوظيفة بموجب العقد مع الموظف وظيفة مؤقتة بمدة معينة محددة في عقد التوظيف، والله اعلم.