جمال محمد الجعبى |
المقدمة:
عرفت اليمن قبل الوحدة بين الشطرين عام 1990م العديد من التجارب المتعلقة بمنظومة السلطة المحلية بمستويات مختلفة وفي مراحل تاريخية متعددة، بعد تحقيق الوحدة تبنت اليمن تجربة السلطة المحلية التي شرعت فيها ابتداءً من سنة 2001م، وهي التجربة التي عرفت تعزيز وتقوية المشاركة الشعبية لانتخاب أعضاء المجالس المحلية على مستوى المحافظات والمديريات، وكانت هذه أول تجربة يعرفها اليمن منذ إعادة تحقيق الوحدة اليمنية.
ورغم أن الدعوات لتطبيق تجربة السلطة المحلية قد بدأت منذ اليوم الاول لقيام الجمهورية اليمنية، لكن هذه الدعوات لم يكتب لها النجاح نتيجة الأزمات السياسية المتلاحقة التي شهدتها الجمهورية اليمنية بين الحزبين الشريكين في الحكم خلال الفترة الانتقالية، وما أعقبها من أحداث بلغت ذروتها في حرب صيف 1994م ونتج عنها متغيرات على الصعيد السياسي، خرج بموجبها أحد الشركاء السياسيين من الحكم وهو الحزب الاشتراكي اليمني، ودخول التجمع اليمني للاصلاح في تحالف سياسي مع حزب المؤتمر الشعبي العام، ولكن هذا التحالف لم يستمر فترة طويلة حيث خرج التجمع اليمني للاصلاح من الحكومة عقب انتخابات 1997م.
وقد سعت اليمن الى تحقيق عدد من الاهداف من خلال تبنيها لنظام السلطة المحلية، الى تحقيق اهداف متعددة.
الفصل الاول:
الأهداف السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية التي دفعت الحكومة اليمنية إلى تبني منظومة السلطة المحلية
- أولا: الأهداف السياسية :
- مطالب شعبية ونخبوية .
إن الاحداث السياسية والازمات المتلاحقة التي شهدتها الساحة اليمنية بعد الوحدة في عدد من مناطق الجمهورية، وكانت أبرز مظاهرها في العاصمة صنعاء، ولأسباب مختلفة أسهمت جميعها وما تزال تسهم في تشكيل ضغط كبير على القيادة السياسية لتسريع وتيرة الانتقال إلى نظام الحكم المحلي واسع الصلاحيات، وقد بلغت الاوضاع حدود المطالبة بالفيدرالية سواء على أقليمين أو عدة أقاليم لتجنب مطالب واسعه في الجنوب بالأنفصال وإستعادة دولة الجنوب.
وهذه المطالب تجاوزت نخب الاحزاب السياسية الحاكمة والمعارضة، لتصبح مطالب شعبية في المحافظات التي كانت وما زالت تعاني من تركز السلطة في العاصمة، على حساب التنمية والنشاط السياسي والاجتماعي والاقتصادي في هذه المحافظات.
- ضغوط خارجية.
أيضاً لا يخفى على أحد ما تمارسه الدول المهيمنة على النظام الدولي من ضغوط على الدول النامية ومنها بلادنا ،حيث تشكل تقاريرها اللاذعة حول الديمقراطيات الناشئة والتجاوزات التي تحدث فيها سوطاً على حكام تلك الدول، وتربط عملية الهبات والمساعدات المقدمة منها ومن المنظمات الدولية بمدى التقدم أو التأخر في الممارسات الديمقراطية.
ويمكن أن نورد مقتطفات مما جاء في تقرير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية حول تقييم الفساد في اليمن – سبتمبر2006م تحت العنوان التالي:
” المجتمع المدني ومكافحة الفساد: المجال الذي لم يُستغل بعد
بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني الأفضل تجهيزاً، تعتبر قضايا الديمقراطية والحقوق وقضايا المرأة مجلات تم دراستها والنشاط فيها بشكل جيد. ويعتبر مكافحة الفساد أو “الحكم الرشيد” مجال جديد لهذه المنظمات، ليس لان الفساد ظاهرة حديثة في اليمن، أو لكون اليمنيون لا يعون الفساد إذ يقوم غالبية كبيرة، على ما يبدو، بممارسة الفساد الثانوي بشكل يومي، ويشهدون تباهي بعض كبار المسئولين والوجهاء السياسيين بالثروة وسط ظاهرة فقر متزايد وطاحن. ويذكر أنه تم زيادة مساحة التغطية السياسية لمكافحة الفساد خلال العام الماضي.
الحكومة المحلية والمناطقية
قابل ظهور المجالس المحلية المنتخبة، عقب الانتخابات المحلية عام 2002، تفاؤل كبير في اليمن. ورغم أن سلطة وموارد هذه المجالس محدودة، إلا أن الكثير يعتقدون أن هذه المجالس مثلت بعدا جديدا في تجربة البلاد كديمقراطية نامية، لكونها فرصة للتحرك بعيدا عن السيطرة المركزية. فالميزة النسبية للتوجه نحو اللامركزية، التي ما زالت مبتدئة، في مكافحة الفساد تكمن في كونها حديثة. ولا يعني هذا أنه لا وجود للفساد في المستويات الفرعية للسلطة، فبالطبع يظهر الفساد على المستوى المحلي، كما هو ظاهر على المستوى الوطني، وهو ما يشير إلى أن هناك فرصة كبيرة لـ(1) معالجة الفساد في أماكن تواجده على مستوى المحافظة والمديريات، (2) تقليص انتشار الفساد مع استمرار اليمن بالتوجه نحو اللامركزية. إن التطبيق الرديء وغير المنظم والمدروس لهذا التحول نحو لامركزية أكثر، سيقود إلى لامركزية أكثر في الفساد، بدلا من الحد منه.”
- دعم الوحدة الوطنية وتحقيق التكامل القومي.
- تحقيق الديمقراطية والمشاركة الشعبية. من خلال :
- تنمية الحس الديمقراطي لدى المواطنين.
- تمثيل ومشاركة جميع أفراد وفعاليات المجتمع.
- الرقابة والتوازن والحد من الطغيان.
- تعزيز الديمقراطية كمنهج للحكم وكأحد أركان الحكم الجيد.
- تنمية مقومات الثقافة الوطنية وروح الولاء والانتماء الوطني لليمن الموحد.
- خلق التكامل في المصالح والمنافع المتبادلة بما في ذلك الروابط والصلات الضرورية للاندماج الاجتماعي والوطني.
- ضمان التوزيع العادل للسلطة والثروة والتداول السلمي لها.
- تحقيق الديمقراطية والمشاركة الشعبية. من خلال :
ثانياً: الأهداف الإدارية :
- المساهمة في الحد من البيروقراطية-الروتين الإداري.
- التوازن بين مصلحة الدولة ومصلحة الوحدات الإدارية الدنيا.
- زيادة القدرة والسرعة والمرونة في اتخاذ القرارات ومتابعة نتائجها.
- الحد من الفساد المالي والإداري.
- التخفيف من أعباء أجهزة الدولة المركزية،وعلى كافة المستويات الإدارية مثل:التخطيط للتنمية،والتنفيذ ،وتحسين الموارد، والمتابعة ،وكذا الرقابة تنفيذاً لوظيفة الرقابة الشعبية.
ثالثاً: الأهداف الاقتصادية والاجتماعية :
- تحقيق الكفاءة الاقتصادية.
- إن تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية لا يمكن أن يتم إلا من خلال تمكين القدرات والمجتمعات المحلية وإشراكها في صياغة الرؤى والخطط والبرامج والمشاريع التنموية وفي تنفيذها ومتابعتها.
- التوزيع العادل للاستثمارات بأنماط تتناسب مع احتياجات المحافظات، مع مراعاة المزايا النسبية التي تتمتع بها كل محافظة والظروف من حيث عدد السكان وتوفر الموارد الطبيعية والموقع الجغرافي.
- تخفيض حدة النزاعات والتوتر بين المناطق والأقاليم المختلفة.
- استمرارية وديمومة التنمية والتطور.
- تنشيط الأقاليم المهمشة واستثمار مواردها المحلية.
- زيادة مشاركة سكان الأقليم في وضع السياسات واتخاذ القرارات.
- مراعاة الترابط والامتداد المكاني الجغرافي والمناخي الملائم / ومقومات البنية التحتية المطلوبة والميسرة للاتصال والتواصل.
- تجاوز النزعات والولاءات التقليدية القبلية المناطقية والجهوية والطائفية والمذهبية.
- إشراك فئات المجتمع وعلى مستوى المحليات في تحمل المسئولية باعتبارها أكثر إدراكاً من الحكومة المركزية لاحتياجاتها وأعلى قدرة على حل المشاكل والصعوبات التي تواجهها.
- التخفيف من الفقر لوجود تفاوتات حادة في مستويات الفقر وفي عدالة توزيع الدخل وفي الحصول على الخدمات وفي أنماط استغلال الطاقات على مستوى المحافظات والمديريات.
- المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة المتساوية بين مختلف محافظات الجمهورية حيث يعكس التفاوت الاقتصادي والاجتماعي بين المحافظات أسباباً وعوامل عديدة ترتبط بمركزية القرار وعدم توازن التنمية وبإمكانيات كل محافظة ومدى توفر الموارد الطبيعية فيها وأهمية موقعها الجغرافي وسهولة المواصلات الداخلية والخارجية التي تساعد على تنمية بعض المناطق بصورة أسرع من غيرها. ويظهر ذلك التفاوت في أشكال كثيرة من عدم المساواة مثل نصيب الفرد من الخدمات الاجتماعية أو تفاوت مستويات الدخل والمعيشة.
الفصل الثاني
جوانب القوة و الضعف في المنظومة الدستورية والتشريعية للسلطة المحلية
في الواقع العملي
أولا: جوانب الضعف في المنظومة الدستورية والتشريعية:
- جوانب الضعف في المنظومة الدستورية :
- المفهوم
استخدم الدستور مصطلح السلطة المحلية غير أنه لم يعطي هذا المفهوم أي صلاحيات تدل عليه كما سنرى لاحقاً.
- التبعية
اعتبر الدستور الوحدات الإدارية المحلية والمجالس المحلية بمثابة جزء لا يتجزأ من السلطة التنفيذية المركزية حيث جاء في المادة(147) من الدستور النص التالي(ويكون المحافظون محاسبين ومسؤولين أمام رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء وقراراتهما ملزمة لهم ويجب عليهم تنفيذها في كل الحالات) وبالتالي انتفاء مفهوم الاستقلال المالي والإداري ، كما ربط الدستور المنظومة القانونية للسلطة المحلية وما يستلزم ذلك من نظم إدارية أو إجرائية بالسلطة المركزية ، ومما يؤكد ذلك إدراج اختصاصات السلطة المحلية ضمن الفصل الثاني من الباب الثـــالث الخاص بصلاحيات واختصاصات السلطة التنفيذية ،وما يترتب على ذلك من التبعية، وانحيازه الواضح للسلطة المركزية الذي أفرد لها (39)مادة تحت هذا الفصل بينما لم يخصص للإدارة المحلية سوى أربع مواد يتضمنها الفرع الثالث (أجهزة السلطة المحلية)ضمن نفس الفصل .
- نوع اللامركزية وصلاحياتها
لقد حدد الدستور نظام السلطة المحلية باعتبار الأخير قائما على مبدأ اللامركزية المالية والإدارية فقط دون تمتعه باللامركزية السياسية أو النص على الانتقال لها في المرحلة القادمة ، ولم يعطي للسلطة التشريعية أي حق في عملية نقل الصلاحيات للمجالس المحلية وأعطى ذلك الحق للسلطة التنفيذية،واعتبر السلطة المحلية الاستثناء وليس الأصل وبالتالي فهي تقوم بتنفيذ صلاحيات محددة منحتها لها السلطة المركزية عن طريق التفويض من خلال ما ينص عليه قانون السلطة المحلية ولائحته التنفيذية، وجعل مصير هذه المجالس المحلية بيد السلطة التنفيذية (الرئيس أو الحكومة) وجعل ذلك التدخل مفتوح وغير مقيد بنصوص محددة.
كما أن الدستور قيد صلاحيات المجالس المحلية ولم يمنحها سوى حق اقتراح البرامج والخطط وموازناتها الاستثمارية ، ولم يمنحها حق الإقرار ،حيث أعتبر السلطة المحلية من خلال عدد من النصوص المقيدة مجرد سلطة شكلية تمارس صلاحياتها اللامركزية في الشؤون المالية والإدارية ضمن نطاق السلطة المركزية حيث جعل قراراتها مقيدة وصلاحياتها ضيقة ومراقبة ومعرضة للإلغاء والحل .. رغم منحها الشخصية الاعتبارية وانتخاب أعضاءها .
- جوانب الضعف في المنظومة التشريعية :
- طبيعة السلطة المحلية
من المسائل التي أكد عليها قانون السلطة المحلية مجدداً في المادة الرابعة أن الأصل في منظومة الحكم في اليمن هي المركزية وأن اللامركزية المالية والإدارية هي الاستثناء.
- الرقابة
من ابرز أسباب ضعف وقصور رقابة المجالس المحلية بالجمهورية اليمنية غموض اختصاصاتها وشكلية سلطاتها وأدوارها،حيث أوردها المشرع في عبارات عامة غير محددة تحديداً دقيقاً ، وهو ما أدى إلى تداخل الاختصاصات وازدواجية الأداء بين المجالس المحلية والإدارة المركزية التي احتفظت بهيمنتها ،وساعد على ذلك انخفاض كفاءة ومهارات وقدرات أعضاء السلطة المحلية.
كما أن قانون السلطة المحلية أخضع المجالس المحلية للعديد من صور الرقابة من قبل أجهزة السلطة المركزية فقد أعطى لمجلس الوزراء سلطة الإشراف والرقابة على المجالس المحلية واعتبر قراراته ملزمة لجميع وحدات الإدارة المحلية.
كما أعطى لوزير الإدارة المحلية والوزراء الآخرين كل في مجال اختصاص وزارته الحق في الاعتراض على قرارات المجالس المحلية متى تعارضت مع القوانين النافذة.
- الموارد المالية للمجالس المحلية
المجالس المحلية اليمنية لا تستطيع تدبير الموارد المالية اللازمة لتسيير أنشطتها، فهي تعاني من محدودية مصادر التمويل المحلي ، بل وتعتمد بصفة أساسية على الإعانات الحكومية كمصدر رئيس وأساس لمواردها .
حيث لم يترك القانون أي اجتهاد للمجالس المحلية في تحديد مواردها أو استحداث موارد جديدة حيث أفرد لها الباب الخامس لتعريف وتحديد تلك الموارد المالية ،كما حدد القانون أوجه إنفاق تلك الموارد ولم يترك ذلك الحق أيضاً للاجتهاد من قبل المجالس المحلية.
- انتخاب رؤساء المجالس المحلية بالمديريات
لم يمنح قانون السلطة المحلية حق انتخاب رؤساء المجالس المحلية بالمديريات ،حيث نظمت (81) إجراءات تعيين مدير المديرية رئيس المجلس المحلي بالمديرية.
- التعارض في بعض القوانين واللوائح
بالرغم من مظاهر القوة المتعلقة بالأساس التشريعي لنظام السلطة المحلية ،ورغم ما جاء في المادة (173) من قانون السلطة المحلية من أن هذا القانون يلغي كل حكم يرد في أي قانون آخر يتعارض وأحكام هذا القانون ، إلا أن هناك أكثر من (80) قانوناً ولائحة بحاجة إلى تعديل ، وبالتالي فأن الحاجة لا تزال ملحة لإجراء مراجعة متأنية لعدد من القوانين واللوائح التنفيذية ذات الصلة على مستوى الدولة ككل لتحقيق الانسجام المطلوب بينها وبين الإطار التشريعي الخاص بنظام السلطة المحلية.. إن ذلك التناقض قد شكل عائقاً في جهود ممارسة اللامركزية وبطأ من إحداث التغيير على المستوى القطاعي فيجب سرعة تحقيق عملية التوحيد والتناغم بين القوانين/اللوائح القطاعية وقانون السلطة المحلية.
حيث نشأ عن هذا التناقض حسب ما جاء في الأوراق المقدمة من قبل وزارة الإدارة المحلية للمؤتمرات المحلية السنوية آثار كثيرة منها :
- وجود حالة من عدم التناغم بين أجهزة السلطتين المركزية والمحلية.
- وجود ازدواجية في الوظائف بين الأجهزة المركزية والمحلية.
- خلق إجراءات معقدة لصنع القرار وإعداد التقارير على المستوى المحلي.
- استمرار حالة من الفوضى فيما يتعلق بهيكل السلطة المحلية الوظيفي.
- اختلال المنظومة التشريعية على مستوى القطاعات الحكومية
حيث أن الاعتقاد السائد لدى الكثير من المسئولين والموظفين في الوزارات الخدمية حسب ما ورد في الدراسة التي قام بها مستشار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي جابرائيل فيرازي هو أن القوانين القطاعية ترسم أدواراً للسلطة المحلية مختلفة عن نصوص قانون السلطة المحلية أو أنها ببساطة تستخدم لغة مربكة وغير واضحة.
الأمر الذي يضع تجربة السلطة المحلية برمتها في وضع لا تحسد عليه ،خصوصاً أن الأمر يتعلق بمعيشة وحياة المواطن الذي بحاجة ماسة إلى الخدمات الحكومية خصوصاً في الريف الذي يقطنه حوالي 75% من السكان.
ويظهر أن هذا الاختلال القانوني هو السبب في وجود عدة اتجاهات على صعيد فهم وتطبيق قانون السلطة المحلية في الواقع العملي ليس على مستوى الوزارة فحسب بل داخل نفس القطاع الواحد ،وهذه الاتجاهات تشمل حسب ما تشير إليه الدراسة:
الاتجاه الأول :استمرار سيطرة الوزارات الخدمية عبر مكاتبها التنفيذية مهمشة بذلك دور المجلس المحلي ،والذي لا يمارس في هذه الحالة دوره الرقابي كما نص عليه القانون.
الاتجاه الثاني :الاستحواذ على أهم القرارات والفرص من قبل المكاتب التنفيذية لوزارة المالية وعبر الاتفاق مع المحافظ (ومع مدير المديرية بدرجة أقل).
الاتجاه الثالث :عزل الوزارات الخدمية عن الأجهزة التنفيذية مع سيطرة المحافظ على هذه الأجهزة (مدير المديرية بدرجة أقل).
ثانياً: جوانب القوة في المنظومة الدستورية والتشريعية:
- جوانب القوة في المنظومة الدستورية :
- أعطى الدستور صلاحيات للمشرع بتقسيم وإعادة تقسيم أراضي الجمهورية إلى وحدات إدارية متى ما اقتضت الحاجة إلى ذلك.
ب- أعطى الدستور للوحدات الإدارية المحلية التابعة للمجالس المحلية الشخصية الاعتبارية .(مادة 144)
- أعطى الدستور للمجالس المحلية حق الإشراف والرقابة والمحاسبة لأجهزة السلطة المحلية . (مادة 145)
د- دستور عام 1994م يعد الدستور الثاني في تاريخ التشريع الدستوري العربي الذي يقرر اللامركزية المحلية والإدارة كأساس لمنظومة السلطة المحلية ، وأسلوب الانتخاب المباشر كآلية لاختيار مجالس الوحدات الإدارية المحلية.
- وضع المشرع الدستوري الأسس والمعالم العامة التي تتعلق بالسلطة المحلية في البلاد الذي يعتمد على اللامركزية المالية والإدارية وجسد أهم عناصره المتمثلة في الشخصية الاعتبارية ونظام الانتخاب والموارد المالية والرقابة المركزية.
- يعتبر وجود المجالس المحلية المنتخبة وسيلة لضمان رقابة شعبية على مؤسسات محلية تابعة للدولة (السلطة المركزية).
ثانياً جوانب القوة في المنظومة التشريعية :
- الشخصية الاعتبارية
منح قانون السلطة المحلية اليمني الشخصية المعنوية الاعتبارية للوحدات الإدارية المحلية(التي هي في الأساس جزءً من منظومة الخدمة المدنية في عموم الجمهورية) وليس للمجلس المحلي(الذي يشرف على تلك الوحدات) الذي يتغير بصورة دورية من خلال الانتخابات.
- انتخاب رؤساء المجالس المحلية بالمحافظات
تعتبر خطوة متقدمة عملية انتخاب المحافظين التي تمت مؤخراً بموجب التعديل القانوني رقم (18) لسنة 2008م لبعض مواد القانون رقم (4) لسنة 2000م بشأن السلطة المحلية بغض النظر عن الطريقة غير المباشرة التي تمت بها عملية الانتخاب (من قبل هيئة انتخابية تتكون من المجلس المحلي للمحافظة ومجالس مديريات المحافظة).
ج- صلاحيات المجالس المحلية
أعطى القانون صلاحيات محدد للمجالس المحلية في المحافظة والمديريات وحدد صلاحيات كل من المحافظ والأمين العام ومدير المديرية ولم يتركها للاجتهاد والتنازع.
الفصل الثالث
جوانب الضعف والقوة في منظومة السلطة المحلية
التقسيم الإداري الحالي:
يتكون التقسيم الإداري الحالي للجمهورية اليمنية من 20 محافظة إضافة إلى أمانة العاصمة ، وتقسم المحافظات إلى (301)دائرة إنتخابية تتكون من (5620)مركز إنتخابي ، وهناك (333)مديرية يتفرع عنها (2.200)عزلة وحي ،فضلاً عن (36.986)قرية و(91.489)محلة وحارة .
كما يقوم التقسيم الإداري للجمهورية على دراسات علمية لجملة من العوامل والمحددات تستهدف ترسيخ وتعزيز الوحدة الوطنية والنماء الاقتصادي والأمن والسـلام الاجتماعي وتتمثل هذه العوامل في الآتي:
أ- العوامل السكانيـــة.
ب- العوامل الاقتصاديــة.
ج- العوامل الاجتماعيـة.
د- العوامل الجغرافية والطبيعية
أولا: أهم جوانب الضعف والقوة في التقسيم الإداري في نظام الحكم المحلي
- 1 – أهم جوانب القوة :
أ- المرونة في تغيير هذه التقسيمات الإدارية والجغرافية:حيث أجاز قانون السلطة المحلية تعديل التقسيم الإداري على مستوى المديريات فما دون سواءً من حيث الاستحداث أو التركيب أو الارتباط بقرار جمهوري بعد موافقة مجلس الوزراء وبناءً على اقتراح من الوزير ،كما أجاز بقرار جمهوري بعد موافقة مجلس الوزراء تقسيم أي من المدن المتخذة عواصم للمحافظات إلى أكثر من مديرية وذلك بمراعاة المبادئ والأهداف المتعلقة بالتقسيم الإداري ، كذلك أعطت الفقرة (18) من المادة(19) من القانون المجالس المحلية في المحافظات إمكانية دراسة وتقييم تطبيقات نظام السلطة المحلية والتقسيم الإداري على مستوى المحافظة، وتقديم التوصيات والمقترحات الكفيلة بتطويره إلى السلطات المركزية.
ب- أن ما يتميز به قانون السلطة المحلية اليمني عن غيره من القوانين العربية في أنه منح الشخصية الاعتبارية للوحدة الإدارية المحلية(التي هي في الأساس جزءً من منظومة الخدمة المدنية في عموم الجمهورية)وليس للمجلس المحلي(والذي يشرف على تلك الوحدات)والذي يتغير بصورة دورية من خلال الانتخابات، والذي لا يمارس في الواقع أي مهام إدارية وتنفيذية، فيما عدا قيام الهيئة الإدارية للمجلس المحلي بمهام لجنة المناقصات على مستوى المحافظة والمديرية .
- إنصراف النصوص التشريعية إلى مستويين من المستويات المحلية هما على التوالي (المحافظة والمديرية):وهو إتجاه جيد لتقليص الهيكل الحكومي المحلي ،وهو ما يتفق مع المعايير الدولية الحديثة للامركزية والتخطيط للتنمية والتنظيم الإداري للتقليص من الهرم الإداري وإسناد”مئوليات تقديم الخدمات إلى المستويات الإدارية القريبة من المستفيدين”وهو إتجاه عدد من الدول المتطورة للتقليص من الوحدات المحلية في مقابل منحها صلاحيات أكبر وأوسع.
2- أهم جوانب الضعف :
- لم يشهد التقسيم الاداري أي تغيير جوهري بسبب عملية الإصلاح التي تزامنت مع عملية تطبيق نظام السلطة المحلية، حيث ما زال التقسيم الاداري القائم قبل الوحدة اليمنية.
- كثرة التقسيمات الإدارية التي تضمنها، سواء على مستوى المحافظات أو على مستوى المديريات، بالإضافة إلى عدم وضوح الأسس التي بنيت عليها هذه التقسيمات. فعلى سبيل المثال، هناك تباينا واضحا من حيث عدد السكان في المحافظات والمديريات المختلفة ) فالفرق كبير من حيث السكان بين أكبر محافظة(2.402.570)نسمة وأقل محافظة (89.093)نسمة، كما أن الفرق كبير من حيث السكان بين أكبر مديرية ( 310.343)نسمة وأقل مديرية (1.520 )نسمة.
- عدم وجود قانون للتقسيم الإداري:وما هو قائم من تقسيم إداري إنما يعتمد على عدد من القرارات التي تصب في إطار التقسيم الإداري الموروث ،أو الإستجابة لمطالب إجتماعية آنية في كثير من الأحيان.
- يعاني التقسيم الحالي من وجود تقسيمات إدارية غير مؤسسة على دراسات علمية لجملة من العوامل المحددة التي نص عليها القانون والتي تهدف إلى ترسيخ وتعزيز الوحدة الوطنية والنمو الاقتصادي والأمن والسلام الاجتماعي. الأمر الذي أدى إلى تفتيت المدن الرئيسية التي تشكل وحدة جغرافية واحدة إلى عدة مديريات مع تداخل حدودها الإدارية (كما هو الحال في أمانة العاصمة صنعاء التي تتكون من10 مديريات)، وتجزئة السلطة المحلية وكذلك تجزئة العملية التخطيطية،وارتفاع تكاليف الإدارة، وتحميل الموازنة العامة للدولة نفقات إضافية كان يمكن استغلالها لأغراض التنمية.
- ضعف برامج التنمية المحلية الشاملة ،وغياب خطط إستخدامات الأراضي وتوطين السكان:حيث أدى ذلك إلى إستمرار تدفق الهجرة غير المنظمة إلى المناطق الحضرية.
ولعل من أسباب ذلك:
أولا: إختلال التوزيع السكاني: حيث يعيش في أربع محافظات(صنعاء،تعز،الحديدة،إب)حوالي نصف السكان،بينما لاتتجاوز نسبة المحافظات الأقل سكاناً(المهرة،الجوف،مأرب)عن 3% من السكان.
ثانياً: التباين الشديد في التوزيع النسبي للسكان جغرافياً بفعل العوامل الطبيعية والاقتصادية: حيث يتوزع السكان بنسبة26.5% في الحضر و73.5% في الريف ضمن مساحة إجمالية تقرب من 460ألف كم2 وكثافة سكانية لا تتجاوز 40 نسمة/كم2 .وقد أدى ذلك التشتت إلى إعاقة وصول الخدمات إليها بالإضافة إلى إرتفاع تكاليفها.
الهياكل التنظيمية:
تعتبر عملية بناء وتحديد الهياكل الإدارية أو التنظيمية لوحدات الحكم المحلي من أهم الخطوات للانتقال إلى نظام الحكم المحلي. فمن المعروف، أن وحدات الحكم المحلي عبارة عن تنظيمات إدارية مفتوحة علي البيئة الخارجية تتأثر بها وتؤثر فيها، بل أنها تعتبر تنظيمات بالغة الحساسية بالبيئة الخارجية على اعتبار أنها أنشئت من أجل خدمة هذه البيئة الخارجية. وبعبارة أخرى، أن الهياكل التنظيمية ليست سوى وسائل أو أدوات لتحقيق الغايات التي تسعى إليها وحدات الحكم المحلي. وعلى هذا الأساس، فالهياكل التنظيمية يجب أن تعكس المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تعكسها البيئة الخارجية.
وتتكون منظومة السلطة المحلية في اليمن بشقيها التقريري والتنفيذي لكل من المحافظات والمديريات على النحو التالي:
- المجلس المحلي للمحافظة والمجلس المحلي للمديرية .
- سكرتارية المجلس في المحافظة وسكرتارية المجلس في المديرية(الدواوين) .
- الأجهزة التنفيذية في المحافظة والأجهزة التنفيذية في المديرية على مستوى المحافظة.
حيث نجد أن هذا الهيكل في صورته العامة يتكون من المحافظ وأمين عام المجلس المحلي للمحافظة ووكلاء المحافظة وديوان المحافظة الذي يتكون من إدارات عامة مرتبطة مباشرة بالمحافظ وتقوم بتوثيق عمل المجلس المحلي وهيئته الإدارية. ويتكون الهيكل المقابل للمديرية من مدير عام المديرية وأمين عام المجلس المحلي للمديرية وديوان المديرية الذي يتكون من وحدات تنظيمية مقابلة بمستوى إدارة وتقوم بعمل مشابه لديوان المحافظة، بينما تقع فروع ومكاتب الوزارات والأجهزة المركزية الأخرى خارج ديوان المحافظة والمديرية مع تبعية إدارية لكل من المحافظ في المحافظة ومدير عام المديرية على مستوى المديرية مع خضوع هذه الأجهزة التنفيذية في ممارستها لمهامها وأدائها لإشراف ورقابة المجلس المحلي.
- أهم جوانب القوة :
ضمان القانون لعملية توسيع المشاركة الشعبية في إتخاذ القرار وإدارة الشؤون المحلية في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال إنتخاب رئيس وأعضاء المجالس المحلية بالمحافظات وكذلك من خلال الصلاحيات والسلطات التي تمتعت بها هذه المجالس على صعيد الصلاحيات الواسعة في إقتراح البرامج والخطط والموازنات الاستثمارية في مجالات إختصاص هيئات الوحدات المحلية وممارسة دورها في عملية تنفيذ هذه الخطط والبرامج التنموية.
- أعطى القانون هذه المجالس حق المسائلة وسحب الثقة من رؤساء المجالس المحلية (المحافظين ومدراء المديريات ).
- أهم جوانب الضعف :
1- يعتبر قصور القدرات البشرية مشكلة كبيرة بكافة مظاهرها وفي مقدمتها العثور على موظفين مؤهلين على استعداد للعمل في المديريات .فعندما تم تطبيق قانون السلطة المحلية، لم يحدث أي مراجعة شاملة لمنظومة الخدمة المدنية لتتواكب مع المستجدات الخاصة بتعزيز اللامركزية. وما نجده الآن هو غياب وظائف أساسية في نظام الموارد البشرية مثل تخطيط الموارد البشرية وتخطيط المسار الوظيفي, وتقييم الأداء والإنتاجية, وانعكاس ذلك على قصور في الوظائف الأخرى مثل التدريب والتأهيل, والحوافز والترقيات.
- على المستوى المركزي، يلاحظ عدم القيام بعملية إعادة تصميم الهياكل للوزارات والأجهزة المركزية الأخرى، على إثر تطبيق قانون السلطة المحلية وتغير ادوار هذه الأجهزة.
- تضخم الهياكل التنظيمية للسلطة المحلية يجعل من الصعب الاعتماد عليها لتأدية المهام والوظائف التنموية بكفاءة،كما أن تضخم الهياكل التنظيمية يؤدي إلى تبديد الموارد والإمكانات المحدودة أصلا والتي يجب أن تسخر للتنمية المحلية.
- عدم مراعاة خصوصية الوحدات الإدارية للمحافظات والمديريات:يلاحظ أن الهيكل التنظيمي للمحافظة لم يراع طبيعة المهمة المطلوب من المحافظة القيام بها، وفقا للمهام الموكلة إليها والتي ترتبط في الغالب بمهام ذات طبيعة إستراتيجية على مستوى المحافظة ككل وليس كوحدة إدارية موازية لمديرية فيها ،في المقابل لم يراع الهيكل التنظيمي للمديرية الوظيفة الموكلة للمديريات والمتصلة أساسا بإدارة وتقديم الخدمة الموكلة للمديرية والمرتبطة أساسا بتقديم المهام الخدمية ذات الصلة بالمجتمع مباشرة.
- عدم انتظام وتكامل الهياكل التنظيمية:إن مكونات الهيكل التنظيمي الحالي الذي تعمل من خلاله أجهزة السلطة المحلية- والمتمثلة في رئيس الوحدة الإدارية)المحافظ/ مدير عام المديرية)، السكرتارية الموجودة في ديوان الوحدة الإدارية، الأجهزة التنفيذية للوحدة الإدارية (فروع الوزارات والأجهزة المركزية)، المجلس المحلي – لا تنتظم أو تتكامل في إطار هيكل تنظيمي واحد، وإنما تعمل بصورة شبه مستقلة عن بعضها البعض، كما أن علاقات الأجهزة التنفيذية غير محددة بوضوح؛ وتبعيتها تتوزع بين رئيس الوحدة الإدارية والمجلس المحلي والمركز. وقد نتج عن ذلك الفجوات التالية:
- قيام علاقات مزدوجة ومتداخلة بين مكونات السلطة المحلية، مثل تداخل علاقة الأجهزة التنفيذية المحلية مع كل من الأجهزة المركزية وسلطة رئيس الوحدة الإدارية، وسلطة المجلس المحلي الرقابية.
- ب- تفكك مكونات الهيكل التنظيمي وتداخل العلاقات وعدم وضوحها يؤثر بصورة سلبية على عملية إدارة السلطة المحلية وعلى أدائها التنموي.
- يؤدي الهيكل التنظيمي الحالي للسلطة المحلية سواء على مستوى المحافظة أو المديرية إلى قيام المكونات المختلفة فيه -وخصوصا الأجهزة التنفيذية- بعمليات مكررة لنفس المهمة التي يمكن أن تؤدى على مستوى الوحدة الإدارية، ومن ذلك القيام بعملية التخطيط بصورة مكررة على مستوى كل الأجهزة التنفيذية. الأمر الذي يجعل من الخطط التنموية ذات طبيعة وتوجه قطاعي وليست ذات طبيعة تكاملية وتنسيقية لكل التدخلات التنموية التي من شأنها تحقيق الأهداف التنموية بكفاءة وفعالية.
- عدم توزيع المهام والوظائف في الهياكل بصورة شاملة : أن توزيع الوظائف والمهام المناطة بأجهزة السلطة المحلية لم تتم بصورة شاملة، على اعتبار أن الهياكل تفتقد على سبيل المثال إلى:
- تحديد الكيان المؤسسي الذي يجب أن يقوم بعملية موائمة السياسات والتوجهات ·
- المركزية وفقا للحاجات المحلية.
- تحديد الكيان المؤسسي الذي يجب أن يقوم بدور رسم الموجهات التنفيذية المحلية ومراقبة تنفيذها.
- مهام ووظائف الرقابة والمساءلة: يظهر التحليل، أن الوزارات تعتبر أن قنوات الرقابة والمساءلة بينها وبين المحليات هي بينها وبين الأجهزة التنفيذية التي لازالت تعتبرها تابعة لها بدل أن تكون بينها وبين السلطات المحلية كمنظومة متكاملة.
الفصل الرابع
اللامركزية الإدارية
التجربة اليمنية مقارنة بتجربة المملكة العربية السعودية
تأخذ الدول العربية على اختلاف أنظمتها السياسية بنظام الإدارة المحلية بشكل أو بآخر , بإعتبار ذلك من مظاهر الدولة الحديثة، و سنبحث في التجربة اليمنية من حيث اللامركزية الادارية مقارنة بتجربة المملكة العربية السعودية من حيث القوة والضعف، لمعرفة أين تطابقت التجربتان وأين اختلفتا، وكيف يمكن الاستفادة من التجربة السعودية.
أولاً: أهم جوانب القوة في التجربة اليمنية:
الدور الرقابي للمجالس المحلية يمثل اختصاصها الأساسي ، وقد أتاح لها المشرع اليمني آليات عديدة تتمكن من خلالها من ممارسة هذا الدور بقدر من الفعالية ، ومن أبرز تلك الآليات اختصاص المجالس المحلية بالتوجيه والإشراف والتفتيش الإداري ، وتقديم الاقتراحات ، وطلب تقارير وبيانات الأداء والتنفيذ ، وتقديم طلبات الإحاطة ، وتوجيه الأسئلة لرؤساء الوحدات الإدارية أو مسئولي الأجهزة التنفيذية ، وكذلك مساءلتهم ومحاسبتهم وسحب الثقة منهم ، بالإضافة إلى مساءلة ومحاسبة أمين عام المجلس المحلي أو الهيئة الإدارية للمجلس أو بعض أعضائها ، وإمكانية إقالتهم وفقاً للإجراءات القانونية.
ثانياً: أهم جوانب الضعف في التجربة اليمنية:
من أهم جوانب الضعف لتطبيقات اللامركزية الإدارية في مهام وصلاحيات أجهزة السلطة المحلية في بلادنا تكمن في جانب الرقابة والمحاسبة والتنظيم ،حيث يغلب عليها عند التطبيق الضعف العام في جميع أشكالها رغم أن القانون منحها لجميع المستويات الإدارية .
وبرغم ما أحرزته رقابة المجالس المحلية من تطور إلا أنها لا زالت قاصرة عن بلوغ أهدافها ، سواء من حيث ضمان حسن سير المرافق ، أو الحد من حالات الانحراف والفساد الإداري ، أو خفض نسبة التقاعس في تنفيذ خطط التنمية المحلية. وقد تبين من خلال الدراسة أن من أهم مظاهر الضعف والقصور محدودية الاختصاص الرقابي ، بالإضافة إلى عدم تفعيل آليات الرقابة التي منحها القانون للمجالس المحلية ، حيث تعاني المجالس المحلية من تقييد سلطاتها الرقابية بسبب الازدواج والتداخل بين الرقابة المحلية والتنفيذية ومغالاة السلطة المركزية في رقابتها على المجالس المحلية ، وغير ذلك من الممارسات المركبة التي حالت دون اضطلاع السلطة المحلية بدورها الرقابي على الوجه الأكمل .ولعل من ابرز أسباب ضعف وقصور رقابة المجالس المحلية بالجمهورية اليمنية غموض اختصاصاتها وشكلية سلطاتها وأدوارها ، حيث أوردها المشرع في عبارات عامة غير محددة تحديداً دقيقاً ، وهو ما أدى إلى تداخل الاختصاصات وازدواجية الأداء بين المجالس المحلية والإدارة المركزية التي احتفظت بهيمنتها.
ثالثاً: تطبيقات اللامركزية في المملكة العربية السعودية (تجربة مدينة الرياض)
تميزت حركة التنمية الإدارية في المملكة بسمات معينة جعلتها في مقدمة الحركات التنموية الإدارية الشاملة في كثير من الدول النامية على اعتبار أن الجهاز الإداري يعد ناشئًا إذا مقارنة بالأجهزة الإدارية في البلدان الأخرى , ومن تلك السـمات نذكر ما يلي :
- وضوح السياسة العامة واستقرارها
- الخلفية التاريخية وتعدد النماذج في تسيير الحكم والإدارة في العصور الزاهية للحضارة الإسلامية.
- الإنجازات الهائلة في مجالات التنمية , ومنها التنمية الإدارية منذ تشكيل اللجنة العليا للإصلاح الإداري في سنة 1383هـ/1963م برئاسة جلالة الملك.
- 4. خطط ممتازة وطموحه للتنمية , وإصرار على تنفيذها بمعدلات عالية , والتركيز على العنصر البشري بوصفه الهدف والوسيلة .5. الأهمية الخاصة للتنظيم الإداري الحكومي لمرونته, وتجديد أساليب العمل فيه من أجل تحقيق الاستفادة القصوى من القوى البشرية المتاحة واختصار مراحل الوصول إلى الأهداف العامة .
الهيكل التنظيمي العام لأمانة مدينة الرياض:
إذا نظرنا إلى الهيكل العام لأمانة مدينة الرياض في الخارطة التنظيمية نلاحظ انتهاج أسلوب التنظيم الرأسي الاستشاري والذي يعني إسناد السلطة العليا لشخص واحد هو رأس التنظيم , والجمع بين مزايا خط السلطة الممثل في المستويات المنفذة من القمة إلى القاعدة , وأجهزة الاستشارة من ذوي التخصص والخبرة – والذين يتصلون بالأمين ولا ينخرطون في خط السلطة , كما يشير التنظيم إلى اتصال الأمين بلجنة عليا هي هيئة التطوير لمدينة الرياض التي تتولى رسم السياسة العليا وإقرار خطة التنمية يعاونه وكيلان , احدهما للمشاريع والتعمير والآخر للخدمات , ومدير عام للشئون المالية والإدارية , والأمين عضو أساسي في هذه اللجنة وأمينها العام والمسئول عن تنفيذ مقرراتها وتوجيهاتها , وللهيئة أن تفوضه بعض مهامها , ويتولى الأمين تنفيذ السياسات والخطط والبرامج والميزانيات …. إلخ .
ومن صور اللامركزية الإدارية في السلطات الأصلية للأمين :
تم تفويض كل من الوكيلين والمدير العام للشئون المالية والإدارية ومدراء عموم الإدارات الأخرى, كل في مجال تخصصه ونطاق إشرافه بما حدّ كثيرًا من ضغوط التركيز الإداري ومركزية اتخاذ القرار واتساع نطاق التمكن ( مدى الإشراف) وأطلق ملكات الابتكار والمبادأة وسرعة الحركة وانسياب العمل ،وقام بإنشاء الإدارات التالية:
- الإدارة العامة للممتلكات والأراضي.
- الإدارة العامة للتشغيل والصيانة.
- الإدارة العامة للزراعة والحدائق والتجميل.
- مراحل إنشاء البلديات الفرعية وتطبيق اللامركزية الإقليمية:
مر إنشاء البلديات الفرعية بمراحل مختلفة حيث كانت مدينة الرياض حتى عام 1977م تضم ست مناطق تابعة للبلدية ولم تظهر فاعليتها , حتى بلغ عددها ستة عشر بلدية فرعية وهذه البلديات الفرعية يزداد عددها وفقاً لتوسع المدينة وإنشاء الأحياء الجديدة مع ملاحظة أن هذه البلديات الفرعية , وإن كانت إحدى تطبيقات اللامركزية فقد أثبتت نجاحها وظهرت الحاجة لإرسائها بزيادة عدد هذه الوحدات – إلا أنها ليست وحدات مستقلة بل هي فروع لأمانة المدينة تعمل تحت إشرافها وتوجيهها ورقابتها , وتظل الأمانة هي صاحبة الشخصية الاعتبارية وذات الاستقلال المالي والإداري والمسئولة أساسًا عن جميع الأعمال المتعلقة بتنظيم المدينة وتجميلها والمحافظة على السلامة العامة فيها.
وفي مدينة الرياض توجد صورتان من صور اللامركزية , تعملان إلى جانب الأجهزة المركزية وفروعها:
- لامركزية مرفقيه :
كما في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وجامعة الملك سعود , ومرفق المياه والصرف الصحي , والحي الدبلوماسي، وقصر الحكم وغيرها , اختصت الدولة كل منها بمرفق معين وأضفت عليها الشخصية الاعتبارية وأعطتها استقلالاً في العمل وميزانية خاصة بها لتنهض بشئون مرفقها متحررة من كثير من قيود الروتين وإجراءاته .
- لامركزية إقليمية :
تمثلها أمانة مدينة الرياض كواحدة من بلديات المملكة بشخصيتها الاعتبارية وميزانيتها الخاصة , تمارس وظيفتها في الشئون البلدية في حدود المدينة ونطاقها الجغرافي.
وتقوم لجنة البلدية الفرعية بعملية التنسيق والربط بين البلديات وفروع ومكاتب الجهات الأخرى , وحل ما يثور من مشاكل وإزالة ما يعرض من معوقات ، وتحديد أوجه الدعم والمعاونة لهذه البلديات .
ايجابيات تطبيق اللامركزية في البلديات الفرعية :
- انتقل تطبيقها إلى أمانة العاصمة المقدسة بمكة المكرمة ، وأمانة مدينة جدة ، وأمانة المدينة المنورة، وبلدية الطائف وذلك للنجاح الذي حققته، وهي تطبق في عدد من مدن الدول العربية
- تنعقد لجنة دائمة دورياً كل شهر تحت رئاسة الأمين , تسمى ( لجنة رؤساء البلديات الفرعية ) يحضرها كل من الوكيلين والمدير العام للشئون المالية والإدارية وجميع رؤساء البلديات الفرعية ومن ما تتطلب الحاجة حضورهم من مسئولي الأمانة ،ومسئولي أجهزة المرافق والخدمات التي يتصل عملها أو نشاطها بشئون المرافق والخدمات بالمدينة مثل المرور والكهرباء والماء والصرف الصحي ، والهاتف ، والدفاع المدني وذلك بهدف مناقشة تنفيذ السياسات والخطط وتنسيق العمل بين أجهزة الأمانة المركزية والبلديات الفرعية وبين هذه البلديات بعضها البعض , وبين الأجهزة البلدية عموماً والأجهزة الأخرى العاملة في مختلف أنشطة المدينة ، وتطرح في هذه الاجتماعات مختلف المسائل والمشاكل وتُتخذ في شأنها القرارات والتوجيهات التي تتم متابعتها مكتبيًا وميدانيًا عند الاقتضاء ،حيث كان لاجتماعات ( لجنة رؤساء البلديات الفرعية ) آثارها الواضحة في تنسيق العمل وانضباط حركة النشاط في مختلف الفروع ، وتنقية قنوات الاتصال أولاً بأول وضبط وحدة الإيقاع وتصويب مسار تنفيذ القرارات والتعليمات، مع تشجيع الاجتهاد في مجالات التنفيذ داخل الإطار العام
- تطوير الخدمات بالعاصمة وتحديثها، والارتقاء بمستوى الأداء في مختلف المجالات وتقريب الخدمات البلدية إلى المواطنين
- أصبحت تلك البلديات خير ضمان لسيطرة الأمانة على مدينة واسعة جدًا كالرياض ، كما خففت العبء على المواطنين وحدّت من تدفق السيارات ، داخل المدينة لمراجعة الأمانة .
الفصل الخامس
الرقابة على أجهزة السلطة المحلية (التجربة اللبنانية)
مقدمة:
لعل من أسباب اختيار التجربة اللبنانية هو ما يشهده هذا البلد من تطور ورقي رغم محدودية موارده وما نراه من لحمة وطنية رغم تعدد الديانات والطوائف والتجاذبات السياسية التي تحيط به ،لعلنا نستفيد من بعض تجاربه في هذا المجال لننهض بيمننا الحبيب إلى المكانة المرجوة..
إن وجود البلديات في لبنان يعود إلى القرن التاسع عشر. حيث تشكّلت أوّل بلديّة في لبنان في دير القمر عام ١٨٦٤ بعد اندلاع الحرب الأهليّة و إثر إعلان النظام العضوي لجبل لبنان، في حين أنّ بلديّة بيروت تمّ تشكيلها عام ١٨٦٧ في ظلّ الحكم العثماني. في السنوات اللاحقة، تشكّلت بلديّات في مدن لبنان الرئيسيّة لا سيّما صيدا و طرابلس وذلك خلال موجة التنظيمات. عرفت البلديّات نهضة جديدة خلال فترة الإنتداب الفرنسي الّذي تمكّن، جرّاء نفوذه، تطوير الإدارات العامّة.غير أنّ دور هذه الإدارات لم يصبح فعّالاً إلاّ في عهد اللواء شهاب الّذي أقرّ قانوناً حديثاً ساعد على إنشاء العشرات من البلديّات الجديدة حتى بلغ عدد البلديات في لبنان حتى الآن (957) بلدية.
بالمقابل شهدت الحقبة المقبلة تراجعاً في دور السلطات المحليّة و لم يتمّ إجراء أية إنتخابات بلديّة بعد عام ١٩٦٣. ثمّ أتت فترة الحرب لتزيد الوضع تفاقماً، فتمّ تجديد ولايات المجالس البلديّة (حتّى عام ١٩٩٨) و فقدت البلديّات مواردها الأساسيّة.
ويدير البلديّات قانون أُقرّ عام ١٩٧٧ و عُدّل خلال الأعوام (١٩٩٧،1999،2001م) ، وفي عام ٢٠٠١م تمّ طرح مشروع قانون بديل لكنّه ما زال قيد الدرس في البرلمان حتّى الآن .
مقارنة لأهم جوانب الضعف والقوة في التجربة اليمنية على ضوء التجربة اللبنانية:
- أهم جوانب الضعف في الرقابة على أجهزة السلطة المحلية:
م | التجربة اليمنية | التجربة اللبنانية |
أ-الرقابة القضائية | ||
عدم وجود محاكم إدارية متخصصة بإستثناء شعبة متخصصة في المحكمة العليا. | أفرد القانون البلدي اللبناني فصل كامل للدعاوى التي تقام باسم البلدية سواء أمام القضاء العدلي(العادي) أو الإداري. | |
ب-الرقابة الشعبية | ||
نحن بحاجة إلى رفع الوعي العام بأهمية إستخدام هذه الرقابة من خلال شراكة حقيقية مع منظمات المجتمع المدني | تتعدد الآليات التي تعتمدها البلديات للتواصل مع المواطنين ولكن حتى اليوم البلديات في لبنان لم تصل إلى النهج المؤسساتي الذي يسمح لها بالتواصل مع الناس بطريقة أفضل عبر المؤسسات الأهلية التي على تواصل مباشر مع الناس و تعلم أكثر ما هي حاجيات المواطن. | |
ج-الرقابة الإدارية | ||
الرقابة على أعضاء المجالس المحلية | ||
رغم التعديل الأخير الذي أعطى حق إنتخاب المحافظين إلا أن ذلك الإنتخاب يجب أن يكون بالاقتراع العام المباشر زيادة لديمقراطية التمثيل الشعبي. كما أن مدراء المديريات مازالوا يخضعون لسلطة التعيين. | ينتخب المجلس البلدي من بين أعضائه، رئيساً ونائب رئيس بطريقة الاقتراع السري وبالأكثرية المطلقة ولمدة ولاية المجلس البلدي التي تمتد إلى (6) سنوات ، بينما نص مشروع القانون الجديد على انتخاب الرئيس ونائب الرئيس بالاقتراع العام المباشر. | |
الرقابة على أعمال السلطة المحلية | ||
أخضع قانون السلطة المحلية في مادته رقم(144) جميع الأجهزة التنفيذية للوحدات الإدارية في أدائها لوظائفها لرقابة سلطات الأجهزة المركزية ،وهذا يحدث تطويل للمعاملات وإزدواج وتضارب صلاحيات مع صلاحيات المجالس المحلية المنتخبة ،وقد أكد على ذلك ما جاء في نص المادة التالية التي أعطت الحق لكل وزير كل في مجال نشاط وزارته تجاه الوحدات الإدارية ممارسة عدد من تلك الصلاحيات ،وليس فقط لوزارة السلطة المحلية التي تمارس أيضاً صلاحيات رقابية(مسبقة) على قرارات المجالس المحلية سواء تلك القرارات الاعتيادية أو تلك ذات الطبيعة الخاصة حيث كان ينبغي أن يقتصر ذلك الإشراف على التحقق اللاحق من قانونية تصرف السلطة المحلية بحيث يجب أن يحترم إستقلالية السلطة المحلية حسب ماجاء في المبادئ العامة للرقابة الفعالة للأمم المتحدة. | يرتبط عمل المؤسسة البلدية إرتباطاً وثيقاً بعدد من أجهزة الدولة التي تمارس الرقابة المالية والإدارية (المسبقة)على عمل البلديات. وتتوزع هذه الأجهزة على وزارات الداخلية والبلديات والأشغال والقضاء ومجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي وديوان المحاسبة. أما القرارات التي أخضعها القانون صراحة لتصديق سلطة الرقابة الإدارية فتمارس على مستوى السلطات التالية: –القائمقام ، المحافظ ، وزير الداخلية وفي مجال الرقابة الإدارية، يختصر مشروع القانون الجديد مستوياتها، فيلغي رقابة القائمقام والمحافظ على قرارات المجلس البلدي، لتصبح خاضعة لتصديق وزير الداخلية، ولرقابة التفتيش المركزي. وفي مجال الرقابة المالية، يحرر مشروع القانون الجديد البلديات من الرقابة المسبقة لديوان المحاسبة، فتصبح رقابته مؤخرة. كما ينشئ معهدا اختصاصيا يتولى تدريب كل موظفي البلديات وعناصر الشرطة والحرس البلديين. |
- أهم جوانب القوة في الرقابة على أجهزة السلطة المحلية في التجربة اليمنية:
أ-رقابة مجلس النواب من خلال:
تشكيل لجان تقصي الحقائق ومناقشة موازنة السلطة المحلية والمصادقة على حساباتها الختامية ووضع التوصيات المناسبة التي تلتزم السلطة المركزية والمحلية بتنفيذها. كما أعطت المادة (47) من القانون رقم (1) لسنة 2006م الخاص بإصدار اللائحة الداخلية لمجلس النواب لجنة السلطة المحلية عدد من الإختصاصات في هذا الجانب ومنها الرقابة على تنفيذ قانون السلطة المحلية وقانون التقسيم الإداري واللوائح والقرارات المنفذة لهما والرقابة على نشاط وزارة الإدارة المحلية والوحدات الإدارية ومجالسها المحلية وأجهزة السلطة المحلية والهيئات والجمعيات التابعة لها .
ب-رقابة السلطة القضائية من خلال:
حق المواطنين جماعات وأفراد الطعن في القرارات الصادرة عن أجهزة السلطة المحلية،و وجود شعبة مختصة بالقضايا الإدارية في المحكمة العليا.
ج-الرقابة الشعبية من خلال:
حرية إنتخاب المواطن(الهيئة الناخبة) لأعضاء المجالس المحلية ،و لجوء المواطن إلى الهيئات القضائية في الحالات التي يقع حيف أو تجاوز من قبل الأجهزة المحلية ، كما أنه يمكن أن تلعب الأحزاب رقابة فعالة في إختيار وتوجيه ممثليها في تلك المجالس ،وأيضاً رقابة وسائل الإعلام في حالة قيامها بذلك الدور بموضوعية وأمانة.
الكيفية التي يمكن من خلالها تجاوز جوانب الضعف :
- أن تكون الرقابة المركزية على الهيئات المحلية غايتها التحقق من مشروعية أعمالها وقيامها بواجباتها نحو وحداتها وألا تكون بقصد فرض إرادة السلطة المركزية على المجالس المحلية ، وألا يحد هذا التدخل من حرية المبادأة الممنوحة لها ، وألا يمتد إلى الأمور التنفيذية والمسائل الجزئية التي تدخل في شئون المجالس المحلية .
- ضرورة تقرير الرقابة القضائية على جميع أعمال المجالس المحلية بمستوياتها المختلفة وعلى كافة الاعتراضات على قرارات هذه المجالس لما في ذلك من التأكيد على إستقلالية هذه المجالس.
- ضرورة منح الوحدات المحلية الحرية والاستقلال اللازمين عن السلطة التنفيذية المركزية ، بالنسبة لكل ما يتعلق بإدارة الشئون المحلية، فمضمون اللامركزية يقتضي منح المجالس المحلية سلطات حقيقية وأصيلة ، وتفعيل الأدوات الرقابية التي منحها القانون.
- ضرورة تصميم قاعدة بيانات دقيقة وشاملة تغطي مختلف أوعية الموارد المالية المحلية ، وتعزيز متابعة ورقابة المجالس المحلية على أعمال تحصيل تلك الموارد .
- ضرورة تحقيق الكفاءة الإدارية عن طريق تدريب أعضاء المجالس المحلية وموظفيها ، وتطوير أنظمة الإشراف والاهتمام بمراقبة الأداء المحلي ، وتمكين أعضاء السلطة المحلية من الإلمام الكامل بالعملية الرقابية المتعلقة بمهامهم وشئونهم اليومية ، ليؤدوا الأمانة الملقاة على عواتقهم بفهم ورؤية كاملة ، وفقاًً للقواعد الرقابية الصحيحة مبتعدين عن الاجتهادات التي قد تؤدي إلى بعض السلبيات لعدم موافقتها للقوانين واللوائح والأنظمة . ولتحقيق ذلك نوصي بإنشاء مراكز تدريب خاصة بالسلطة المحلية على مستوى المحافظات ، وان يتم وضع البرامج المناسبة لكل مستوى ولفترات زمنية مناسبة.
- ضرورة تفعيل رقابة المجالس المحلية وتطوير آلياتها وأساليبها وتكثيف عملياتها وأعمال مبدأ المساءلة والمحاسبة وكشف أي فساد ومكافحته .ولتحقيق ذلك نوصي بضرورة تصميم نظم رقابية حديثة ، ونظم لتقييم الأداء الفردي والتنظيمي بما يساعد على تنفيذ الرقابة بطريقة منظمة والاستناد إليها في تطبيق مبدأ المساءلة والمحاسبة وفقاً لقانون السلطة المحلية ولائحته التنفيذية .
- كما نوصي بضرورة اضطلاع هيئات المجالس المحلية في الوحدات الإدارية بتطوير وتفعيل آليات تكفل من خلالها توجيه الأداء المحلي وإعمال رقابتها على التنفيذ لمنع أي عبث أو قصور .
- ولذلك نوصي المجالس المحلية بضرورة تنفيذها لندوات ولقاءات وعقد مؤتمرات تستهدف شرح وبيان العمل الرقابي وتوفير شبكة معلومات دقيقة عن الأداء المحلي ، وبذلك تمتد القاعدة الرقابية إلى خارج المجالس المحلية، أي إلى الجمهور المنتفع بالخدمات المحلية ، فهم أصحاب المنفعة وهم الذين من اجلهم أنشئت المرافق المحلية ، وبالتالي فمن حقهم أن يباشروا الرقابة على أعمالها ، وان يسهموا بفعالية للإبلاغ عن أي خلل وكشف أي انحراف
الفصل السادس
اللامركزية المالية
الأخ/ وزير الإدارة المحلية المحترم
يسرني الرفع لسيادتكم ببعض المقترحات والتصورات المتواضعة للخروج من الوضع المالي الصعب الذي تعاني منه هيئات وأجهزة السلطة المحلية في بلادنا وذلك في ضوء الممارسات الدولية الجيدة ونتاج ما توصلت إليه الدراسة الهامة الصادرة من المنظمة العربية للتنمية الإدارية عام 2005م والموسومة بعنوان (الحكم المحلي في الوطن العربي واتجـاهـات التطويـر)والتي أعدها كل من الأخوة:
- أ.د محمد محمود الطعامنة أستاذ الإدارة العامة بكلية الاقتصاد والعلوم الإدارية جامعة اليرموك – إربد المملكة الأردنية الهاشمية .
- د.سمير محمد عبد الوهاب مدير مركز دراسات واستشارات الإدارة العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة – القاهرة جمهورية مصر العربية.
مقترحات وتصورات تعزز تنمية الموارد المالية لهيئات وأجهزة السلطة المحلية في بلادنا:
أولاً: دعـم الموارد المحلية الذاتية :
- إن مسألة دعم المصادر الذاتية للموارد المحلية تبدو في غاية الأهمية، وذلك للحد من اعتماد الوحدات المحلية على الإعانة الحكومية المركزية التي تصل في معظم الدول العربية إلى نسبة أكثر من 80%، الأمر الذي ينتقص من حرية الوحدات المحلية واستقلالها في ترتيب الأولويات والمشروعات التي تهم المجتمعات المحلية.
- ولتنمية الموارد المالية المحلية يجب العمل على :
- توسيع سلطات الوحدات المحلية في الحصول على إيراداتها الذاتية.
- أن يكون لكل منها موازنة مستقلة يتم إعدادها واعتمادها على المستوى المحلي.
- ترشيد الإنفاق العام.
- تطوير القدرات الفنية والإدارية للعاملين.
- إعداد الدراسات الفنية والاقتصادية للمشروعات لتلافي عدم استكمالها أو عدم الاستفادة منها بعد الانتهاء منها.
- تهيئة المناخ المناسب للاستثمار.
- تنظيم الجهود الذاتية الخاصة بالأفراد والقطاع الخاص.
- توسيع الصلاحيات الدستورية والقانونية للوحدات المحلية في فرض الضرائب والرسوم في إطار ضوابط مركزية .
- وفيما يتعلق بتحسين الموارد المباشرة للسلطة المحلية نقترح الآتي :
- إدخال حصة كل مجلس محلي من الدعم المركزي في الموازنة العامة بحيث يكون كل مجلس محلي قادراً على معرفة حصته ويصبح الحصول عليها أمراً منتظماً.
- تمثيل السلطة المحلية في مجالس إدارة أي جهة معنية بأموال المجالس المحلية كصناديق النظافة وصندوق صيانة الطرق وصندوق تشجيع الإنتاج الزراعي وصندوق الشباب والرياضة.. وأن تكون البلديات طرفاً مع الذين يقومون بتوزيع أموال تلك الصناديق وطرفاً من الذين يتحققون من دقة الأرقام.
- إيجاد وسيلة تكفل إلزام دوائر ومصالح ومؤسسات الدولة العامة بتحويل مستحقات المجالس المحلية كل ثلاثة أشهر.
- ضرورة إيجاد وسيلة لإلزام المواطنين دفع المستحقات الواجبة عليهم تجاه المجالس المحلية.
- تقييم القاعدة الضريبية الحالية ومكننة قاعدة معلومات للقاعدة الضريبية.
- تطوير طرق لتسهيل جباية الضرائب والرسوم المحلية كإشراك الفروع المحلية للبريد والبنوك في العملية كما هو حاصل بالنسبة إلى تحصيل فواتير الهاتف والمياه والكهرباء.
ثانياً: التأكيد على أهمية تقييم الأداء المؤسسي للوحدات المحلية:
إن المساءلة والشفافية تقتضيان من الوحدات المحلية تطوير أنظمة متكاملة لقياس وتقييم وحداتها التنظيمية، من خلال مؤشرات ومعايير أداء موضوعية، للتأكد من مدى قدرة تلك الوحدات على تحقيق أهدافها العامّة والمتمثلة في تقديم الخدمات المحلية بكل كفاءة وفاعلية.
وتأتي أهمية تقييم أداء الوحدات المحلية من أن التركيز على الرقابة التقليدية في تقييم أداء الجهاز الحكومي يعد غير مناسب أو غير كاف، للحكم على الكفاءة الحقيقية للعديد من الأجهزة. ولذلك يجب التركيز على التوجه بالأداء، من خلال قياس جودة الخدمة، من وجهة نظر متلقي الخدمة كعميل. ولا يقتصر قياس جودة الخدمة على المؤشرات الكمية فحسب، بل يتضمن أيضًا الجوانب النوعية. ومما لا شك فيه أن قياس جودة الخدمة والإعلان عنها يساعد على تحديد الجوانب التي تتطلب التطوير.
ثالثاً: تبني مفهوم الحكومة المحلية الإلكترونية:
إن تبني مفهوم الحكومة الإلكترونية من خلال الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات بما يساهم في زيادة كفاءة الوحدات المحلية ويحسن الاتصالات بين القيادات الإدارية، ويمكّن المواطنين من الحصول على الخدمات بطريقة أسرع وأقل كلفة – يعتبر مدخلاً مهماً لأي إصلاح إداري على المستوى المحلي .
رابعاً: التأكيد على أهمية الشراكة مع القطاع الخاص:
إذا كانت بعض الدول العربية قد اتجهت في الآونة الأخيرة إلى التحول نحو الخصخصة (Privatization) من أجل منح دور أكبر للقطاع الخاص في المشاركة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فإن ذلك يقتضى بالضرورة تمكين الوحدات المحلية من التعاقد مع القطاع الخاص من أجل تقديم بعض الخدمات المحلية والمساهمة في إقامة مشروعات استثمارية تعود بالنفع على الوحدة المحلية والمواطنين.
وفي هذا الإطار، لابد أن تقوم الوحدات المحلية بتحديد الخدمات التي يمكن إسنادها للقطاع الخاص، بما يؤدي إلى تحقيق الأهداف بكفاءة أعلى وفاعلية أكبر. كما يمكن للوحدات المحلية ضمن هذا السياق أن تقوم بتمويل وإنشاء مشروعات مشتركة مع القطاع الخاص، بما يمكنها من المساهمة في تخفيض معدلات البطالة، ويضمن لها تحقيق إيرادات تعزز من قدرتها المالية.
خامساً: الاهتمام بالموارد البشرية على المستوى المحلي:
إن إصلاح وتحديث أحوال الخدمة المدنية المحلية يتطلب ما يلي:
- الاهتمام بالعنصر البشري والارتقاء به ماليًا وتدريبيًا، بحيث تتوافر له حياة كريمة تنأى به عن الانحراف وتقضي على أسباب التقاعس.
- تصحيح هيكل الرواتب وحوافز العاملين، بحيث تتماشى مع الاتجاهات السائدة في سوق العمل،ومع مستويات الأسعار وتكاليف المعيشة بصفة عامة.
- وضع نظام متكامل للتدريب للموظف المحلي وللقيادات المحلية على اختلاف أنواعها ومستوياتها، وفتح مجال الحوافز والمكافآت المجزية لمختلف الموظفين والقيادات المحلية، حتى يكونوا عناصر فعالة وناجحة في الأداء الوظيفي المحلي، وذلك دعمًا لوحدات الإدارة المحلية وقياداتها وعونًا لها في تحقيق الأهداف المرجوة.
- إعطاء رؤساء الوحدات المحلية، السلطات التي تمكنهم من استقطاب واختيار العناصر ذات الكفاءة للعمل بوحداتهم، بدلاً من النقص الشديد الذي تعانيه بعض الإدارات المحلية،وذلك في إطار ضوابط محددة. كما يجب أن يكون للموظفين المحليين لوائح خاصة بهم في التعيين والترقية والجزاءات في الإدارة المحلية، بعيدًا عن قانون العاملين بالدولة. ويجب أن يقتصر دور الحكومة المركزية هنا على التأكد من تطبيق معايير الشفافية والعدالة، فضلاً عن التأكيد على ربط الحوافز بالإنتاج والأداء.
الفصل السابع
اللامركزية السياسية تقييم الوضع الحالي للمشاركة الشعبية في ظل الممارسات الدولية الجيدة
أولاً: أوجه القصور التي رافقت الانتخابات المحلية الأخيرة عام2001م:
- في مرحلة الإعداد والدعاية الانتخابية:
1.1 عدم المضي في استكمال تصحيح سجلات وجداول الناخبين .
1.2 استحداث مراكز انتخابية جديدة مخالفة للدستور.
1.3استخدام إمكانات الدولة بما فيها تسخير الوظيفة العامة ووسائل الإعلام الرسمية لأغراض الدعاية الحزبية.
- في مرحلة الاقتراع:
2.1 أخطاء في أسماء المرشحين ورموزهم في بطاقات الاقتراع ،وإسقاط أسماء مرشحين مستوفين للشروط القانونية ،وتغيير صفة المرشحين.
2.2 غياب أو نقص في كشوفات الناخبين ،وطباعة أوراق الاقتراع من قبل جهات أخرى غير اللجنة العليا 2.3 للانتخابات .
2.4 عدم إجراء الانتخابات في موعدها في بعض الدوائر.
2.5 تكرار الحوادث الأمنية التي عطلت العملية الانتخابية في عدد من المراكز .
- في مرحلة الفرز:
3.1 تأخير إعلان نتائج الانتخابات عن الفترة المحددة في القانون.
3.2 الاستيلاء على بعض صناديق الاقتراع.
3.3القيام بالفرز خارج نطاق اللجان الانتخابية.
3.4 رفض التصديق على بعض النتائج التي لا تتوافق مع أهواء بعض المشرفين على عملية الفرز.
ثانياً: سلبيات عكست نفسها على الوضع العام أهمها :
- عدم توفر الوقت الكافي والظروف الموضوعية الكفيلة بتوفير حداً معقولاً من التنظيم والاستعداد يضمن نجاح التجربة الوليدة التي طال انتظارها من قبل الشعب وكافة قواه السياسية.
- تزامنها مع الاستفتاء على التعديلات الدستورية خلق نوع من الإرباك للجنة العليا للانتخابات كونها غير مهيأة للإعداد والإشراف على عمليتين انتخابيتين في نفس الوقت.
- سوء تصرف القائمين على إدارة الانتخابات في عموم محافظات الجمهورية.
- الأداء المتواضع للجان الإشرافية وعدم انصياعها لأوامر اللجنة العليا وإنما لأحزابها.
- تدخل القوات المسلحة وقوات الأمن العنيف خارج ما سمح به الدستور وقانون الانتخابات .
- ساهمت الحكومة المركزية بشكل أو بآخر ، عبر استئثارها بمعظم الصلاحيات المحلية أو التشكيك في قدرة وكفاءة القائمين عليها ، على خلق صورة مشوهة لدى الكثير من المواطنين حول المجالس المحلية ودورها في عملية التنمية لدرجة قد تصل إلى إنهيار الثقة بتلك المجلس وفشل التجربة.
ثالثاً: أوجه النجاح في الوضع الحالي للمشاركة الشعبية على مستوى المحليات وفقاً لنتائج آخر مشاركة في الانتخابات المحلية عام2001م:
- القبول المتزايد بين أوساط الشعب للحزبية ،تبين ذلك من خلال انخفاض نسبة المتقدمين المستقلين للترشح للمجالس المحلية عنهم في الانتخابات السابقة.
- تزايد دور المرأة في المشاركة والترشح للانتخابات.
- تنظيم الانتخابات المحلية في موعدها القانوني.
- كان لقرار جميع الأحزاب المعترف بها من قبل لجنة شئون الأحزاب المشاركة في الانتخابات بما فيها الحزب الاشتراكي الذي قاطع الانتخابات النيابية السابقة أثراً طيباً في إعطائها مذاقاً خاصاً تميز بالمنافسة والتفاعل والحيوية المطلوبة لذلك الحدث الديمقراطي العظيم.
- الحوار المبكر أمر لابد منه مع أحزاب المعارضة قبل إجراء أي انتخابات قادمة لإصلاح العملية الدستورية والقانونية ،والخروج برؤية مشتركة لإصلاح الأوضاع السياسية في البلاد.
- معالجة أوجه القصور في القانون الحالي للسلطة المحلية وعلى وجه الخصوص ما أشارت إليه أحزاب المعارضة بهدف الخروج برؤية موحدة حول القانون بغض النظر عن من صاحبها طالما تصب في الأخير في المصلحة العامة.
- تصحيح وضع اللجنة العليا للانتخابات وفق آلية متفق عليها من جميع الأطراف السياسية والحزبية.
- إجراء الانتخابات المحلية القادمة في المواعيد القانونية وعدم تأجيلها كالخطأ الذي حدث في الانتخابات البرلمانية لأن إحترام سيادة القانون يجب أن يكون فوق كل إعتبار ولا يخضع للمساومات السياسية أو الحزبية.
- عدم دمج الانتخابات المحلية القادمة مع أي انتخابات أخرى أو استفتاءات ومنح اللجنة العليا الوقت الكافي للتحضير لها بشكل جيد يتم فيها تجاوز السلبيات التي رافقت الانتخابات السابقة.
- يجب الالتزام بإعلان نتائج الانتخابات في المواعيد القانونية.
- تحييد المال العام والأجهزة الرسمية من الاستغلال السياسي.
- تصحيح وتنقيح سجلات وجداول الناخبين.
- وقف أي حملات إعلامية أو اتهامات بين جميع الأحزاب لأنها في الأخير لا تصب في مصلحة الوطن.
- عدم استئثار الحزب الحاكم بالتشريع يعدل فيه كيف ما يحلو له وفي أي وقت كونه حائز على الأغلبية المريحة لما لذلك من آثار مستقبلية غير محمودة ويساهم في عدم إستقرار التشريع وعلى وجه الخصوص الدستور والقوانين السيادية ،وانهيار ثقة المواطن بأهمية تلك التشريعات.
- إعادة جسور الثقة وترسيخها بين المجالس المحلية والمواطنين من خلال منحها مزيد من الصلاحيات القانونية في تسيير شؤونها المحلية مع منحها الدعم المالي والإداري الذي يمكنها بالقيام بتلك المهام ،وتحميلها المسؤولية على تصرفاتها.
- يجب أن يكون رئيس الجمهورية حفظه الله محايداً وحكماً بين جميع الأحزاب باعتباره ولي الأمر الشرعي الذي يجب طاعته ومحط إجماع معظم القوى السياسية إن لم نقل كلها ، وطالما مازلنا نتبع نظام الحكم المختلط ولم ننتقل إلى النظام الرئاسي أو البرلماني.
- تنفيذ التوصيات الهامة الصادرة في التقرير النهائي لبعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات الرئاسية والمحلية في اليمن عام2006م ، والتي جاءت واضحة ومفصلة وتعالج كثيراً من جوانب القصور والمتضمنة التوصيات التالية:
- تنفيذ إرشادات واضحة وفاعلة للفرز ونشر نتائج الانتخابات.
- تعزيز الثقة في قدرات وشفافية وحيادية إدارة الانتخابات.
- إنشاء آليات فاعلة لضمان إنفاذ قانون الانتخابات والالتزام به.
- إصلاح النظام الانتخابي.
- تحسين سجل الناخبين.
- تحسين إجراءات تسجيل المرشحين.
- دعم الفرص المتساوية للمرأة في العملية الانتخابية.
- تحسين عدالة الحملات الانتخابية.
- تعزيز الدور المتعادل للإعلام في الانتخابات.
- تعديل قانون الانتخابات لمعالجة الإشكاليات المعلقة.
- دعم دور الرقابة المحلية.
- تحسين إجراءات الاقتراع.
الخاتمة:
في الواقع هناك عوائق عدة تمنع عملية اللامركزية في الدول العربية من الوصول إلى أهدافها بصورة مرضية للطموحات الشعبية ،إذ يبقى الاهتمام الرئيس لمعظم حكومات المنطقة هو ضمان الأمن للسلطة الحاكمة من خلال العمل على الحفاظ على الاستقرار السياسي والاقتصادي ،وعلى هذا الأساس فالحكومات العربية ،ونتمنى أن تشذ حكومتنا الرشيدة عن هذه القاعدة ،مترددة حيال نقل السلطة إلى الهيئات المحلية متحججة في كثير من الأحيان أن هذا النقل قد يقوض الوحدة الوطنية وسلامة التراب الوطني ،ومتحججة في أحيان أخرى بعدم أهلية واستعداد الهيئات المحلية لتحمل مزيد من الأعباء والمهام .
إن الوضع الصعب الذي يواجه السلطة المحلية في بلادنا ، من حيث ضآلة الموارد المالية لهذه السلطة وعدم كفايتها للوفاء بالتزاماتها وواجباتها تجاه المواطن التي وجدت أصلاً من أجل إشباع حاجاته ورغباته ، ليس فقط نحن من نعاني منه بل تكاد تكون ظاهرة عالمية في كل دول العالم تقريباً على الرغم من الدساتير والقوانين الوطنية التي تثبت الحقوق المالية للحكومات والهيئات المحلية في الوفاء بمسؤولياتها ، وبالتالي فإن باب الاجتهاد في الوسائل والطرق والأساليب لخلق موارد محلية ذاتية جديدة يظل مفتوحاً على مصراعيه لكل الحكومات والهيئات المحلية على مستوى العالم وفقاً لظروف وعادات كل مجتمع محلي ولا يجب على الحكومات والسلطات المركزية أن تقفل ذلك الباب أو تقف حجر عثرة أمام تلك الاجتهادات لاسيما وأن نتائج التطبيق ستتحمله تلك الهيئات المحلية المنتخبة منفردة أمام جمهور الناخبين المحليين ، ولنجاح تلك الوسائل والطرق والأساليب في خلق موارد مالية جديدة يجب أن يترافق مع قيام السلطات المحلية بتطبيق إستراتيجية متكاملة من الإصلاحات والتصحيحات التي سنشير إليها لاحقاً والتي ستعيد الثقة بهذه الهيئات المنتخبة أمام جمهور الناخبين وأمام القطاع الخاص بدرجة أولى باعتبارهم مصادر التمويل الذاتي الرئيسة وأمام السلطات المركزية والمانحين لمنحهم مزيد من الصلاحيات والاستقلالية ولإعطائهم مزيد من القروض الميسرة لخدمة وتنمية مجتمعاتهم المحلية.
المراجع:
- دستور الجمهورية اليمنية المقر بتاريخ 20/2/2001م
- القانون رقم (4) لسنة 2000م بشأن السلطة المحلية وتعديلاته.
- مشروع الإستراتیجیة الوطنیة للحكم المحلي ( 2020 ).
- أ.د محمد محمود الطعامنة ، د.سمير محمد عبد الوهاب، الحكم المحلي في الوطن العربي واتجـاهـات التطويـر، دراسة مقارنة، 2005م.
- أ / سليم شايف أحمد ناشر، الدور الرقابي للمجالس المحلية في الجمهورية اليمنية في ضوء قانون السلطة المحلية رقم 4 لسنة 2000 ، رسالة ماجستير2008م ، مصر.
- شادي نشابة،العمل البلدي في لبنان و كيفية تطويره، 2010م
- عبدالله العلي النعيم، اللامركزية في الإدارة المحلية بالدول العربية، المعهد العربي لإنماء المدن، الرياض 1427هـ 2006م،http://www.hrdiscussion.com/hr5800.html
- أ.د.خالد محسن الأكوع، مبادئ الإدارة المحلية-اللامركزية السياسية في ظل الإدارة المحلية، ص(43).
- التقرير النهائي لبعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات الرئاسية والمحلية في اليمن عام2006م، اصدرات الاتحاد الاوربي، النسحة العربية، 2006.
- أ.د/ عبد الـمـلـك مـنـصـور حـسـن، تــطــور الإدارة الــمـحــلــيــة فـــي الـجـمـهـوريــة الـعـربــيـة الـيـمـنـيــة.