المستشار/ جمال محمد الجعبى

١- المقدمة

السلطة القضائية هي المكون الاساسي والرئيس للمنظومة العدلية، وهي الحكم والمرجع بين سلطات الدولة الاخرى، حيث تمثل السلطة المرجعية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، كما انها هي الملجأ والملاذ للفصل بين المواطنين وبعضهم، وبين المواطنين والسلطة التنفيذية. فهي المعنية بحماية الشرعية المتمثلة في تطبيق الدستور والقوانين، وهي المعنية بحماية النظام العام وحقوق ومصالح الافراد والمجتمع. 

ومن هنا فإن موازنة السلطة القضائية تم التعامل معها من الوجهه النظرية والدستورية بصورة ذات خصوصية تتناسب ومكانة السلطة القضائية بين مكونات السلطات الاخرى التي تقوم عليها الدولة.

وأمام الدعوات المتكررة والرغبات الملحة للإصلاح القضائي، وأهمية معالجة أوضاع السلطة القضائية وتمكينها من القيام بدورها المطلوب في وتحقيق رسالتها والأهداف التي قامت من اجلها هذه السلطة، فقد تم وضع مجموعة من البرامج الإصلاحية، والخطط والبرامج لإصلاح أوضاع السلطة القضائية، ومرت هذه الخطط والمشاريع الإصلاحية بمراحل متعددة وجاءت في ظروف تاريخية مختلفة. واستطاعت هه المشاريع ان تنجح في مواقع معينة في السلطة القضائية، وأخفقت في مواقع اخرى.

وكانت موازنة السلطة القضائية هي المعيار الذي ظهر من خلاله مدى العمق الذي سارت فيه مشاريع وبرامج الاصلاح القضائي، وقد تم اعتماد موازنة السلطة القضائية خلال السنوات 2000-2010م ، واعتمادها كمؤشر للعلاقة بين موازنة السلطة القضائية وبرامج الاصلاح القضائي.

٢- الجانب الدستوري والقانوني

أولا: الدستور

باعتبارها احدى السلطات الثلاث في الدولة ونظرا للدور الذي تقوم به السلطة القضائية في هذه المنظومة فقد افرد الدستور نصوصا تتضمن أحكام خاصة بالسلطة القضائية حيث افرد المشرع اليمني الفصل الثالث من الدستور تحت عنوان ” السلطة القضائيــــة”، حيث أكدت تلك المواد على استقلال السلطة القضائية والنيابة العامة، فقد جاء في المادة  (149) ان ” : القضاء سلطة مستقلة قضائياً ومالياً وإدارياً والنيابة العامة هيئة من هيئاته، وتتولى المحاكم الفصل في جميع المنازعات والجرائم، والقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية جهة وبأية صورة التدخل في القضايا أو في شأن من شؤون العدالة ويعتبر مثل هذا التدخل جريمة يعاقب عليها القانون، ولا تسقط الدعوى فيها بالتقادم.” وتمثل هذه المادة جوهر وأساس المكانة التي يفترض ان تتمتع بها السلطة القضائية، و كفل المشرع وحدة السلة القضائية وعدم جواز انشاء محاكم ذات طبيعة استثنائية ، فقد نصت المادة (150) من الدستور على ان ” القضاء وحدة متكاملة ويرتب القانون الجهات القضائية ودرجاتها ويحدد اختصاصاتها كما يحدد الشروط الـواجب توفرها في من يتولى القضاء وشروط وإجراءات تعيين القضاة ونقلهم وترقيتهم والضمانات الأخرى الخاصة بهم ولا يجوز إنشاء محاكم استثنائية بأي حال من الأحوال.”، اما القضاة وأعضاء النيابة فقد كفل لهم الدستور ضمانات تمنع عزلهم او التعرض لهم مثل بقية الفئات في الدولة، حيث نصت المادة (151) من الدستور على ان ”  القضاة وأعضاء النيابة العامة غير قابلين للعزل إلا في الحالات وبالشروط التي يحددها القانون ولا يجوز نقلهم من السلك القضائي إلى أي وظائف غير قضائية إلا برضاهم وبموافقة المجلس المختص بشؤونهم ما لم  يكن ذلك على سبيل التأديب وينظم القانون محاكمتهم التأديبية كما ينظم القانون مهنة المحاماة.”. 

وأحال الدستور الى مجلس القضاء مهمة النظر في أحوال وأوضاع القضاة كما أناط بالمجلس مهمة دراسة وإقرار مشروع موازنة القضاء، ونصت المادة  (152) من الدستور على ان ”  يكون للقضاء مجلس أعلى ينظمه القانون ويبين اختصاصاته وطريقة ترشيح وتعيين أعضائه، ويعمل على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة من حيث التعيين والترقية والفصل والعزل وفقاً للقانون، ويتولى المجلس دراسة وإقرار مشروع موازنة القضاء، تمهيداً لإدراجها رقماً واحداً في الموازنة العامة للدولة” 

وبالنظر الى مفهوم المشرع لمسألة الاستقلال المالي للسلطة القضائية – كما سبق القول – بان الاستقلال  المالي يتمثل بأن يتولى مجلس القضاء الأعلى دراسة وإقرار مشروع موازنة القضاء تمهيداً لإدراجها رقماً واحداً في الموازنة العامة للدولة بموجب المادة (152) من الدستور… وبموجب ذلك فإنه يتم إعداد مشروع الموازنة أساساً كميزانية محاكم وفق أسس وضوابط للإعداد والصرف تتضمنها لائحة خاصة بموازنة السلطة القضائية والحساب الختامي لها.

ثانياً: قانون السلطة القضائية

ينظم قانون السلطة القضائية  رقم ((1)) لسنة 1991م ما يتعلق بمرتبات اعضاء السلطة القضائية، وبموجب المادة (66) من قانون السلطة القضائية : 

3/ تحدد المرتبات والبدلات لأعضاء السلطة القضائية وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون ويجوز بقرار من رئيس الوزراء بناء على عرض وزير العدل منح بدلات أخرى لأعضاء السلطة القضائية غير ما ورد بهذا القانون. مادة(67) 

4/ يمنــــح أعضـــــاء السلطــة القضائيــة بدل طبيعــة عمــل أو بدل تحقيق بواقع (30% إلى 50%) من المرتب الأساسي بحسب ظروف وطبيعة العمل والمناطق التي يعملون بها يصدر بتنظيم منحه في إطار حدي النسبة المقررة قرار من وزير العدل. مادة(68)  

5/ يمنح أعضاء السلطة القضائية المعينون في المناطق الريفية بدل ريف بواقع 30 % إلى 60% من المرتب الأساسي، يصدر بتحديدها وتحديد نسبة البدل المقرر لها في إطار الحدين المذكورين قرار من وزير العدل. مادة(69)

6/  يمنح أعضاء السلطة القضائية المعينون في المناطق التي لا يملكون بها مساكن أو التي لم يوفر لهم فيها مسكن من الدولة بدل سكن يصدر بتحديده قرار من وزير العدل بحسب ظروف إيجارات كل منطقة. مادة(70)

7/ يمنح القضاة العلاوات الدورية طبقاً للنظام المقرر بالجدول الملحق بهذا القانون وبما لا يتجاوز نهاية المربوط المقرر لكل وظيفة وذلك بعد انقضاء سنة من تاريخ الالتحاق بالوظيفة، وتستمر سنوياً طالما ظل عضواً في السلطة القضائية. 

ويصدر بها قرار من وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى. مادة(72)

ومن حيث المبالغ المالية التي يجري دفعها وتمثل دخل القاضي، فإن جدول المرتبات صدر به قرار من رئيس مجلس الوزراء يتضمن تعديل جدول الوظائف والمرتبات والعلاوات والبدلات لإعضاء السلطة القضائية برقم (162) لسنة 2000م بتعديل جدول الوظائف والمرتبات والعلاوات والبدلات لأعضاء السلطة القضائيـــــة

مادة(3):ـ

يتــم منح علاوة سنوية لأعضاء السلطة القضائية بواقع خمسة آلاف ريال سنوياً. 

مادة(4):ـ

يتم منح البدلات المقررة والنسب المعادلة في الجدول المرفق بقانون السلطة القضائية وبالنسب المعادلة في حدود الاعتمادات المتاحة. 

 وقد جرى تعديل أخير في جدول المرتبات للقضاة في 28/2/2011م بموجب محضر بين وزارة الخدمة المدنية والعدل، والمالية وتم اعتماده من رئيس مجلس الوزراء، وبموجب الاتفاق فإن مرتبات القضاة صارت على النحو التالي: –   

الوظيفةكادر عام 2000م (بداية الربط)الزيادة المعتمدة للمراحل الثلاثبداية ربط المرحلة الثالثة
رئيس المحكمة العليا

النائب العام
 240000100000 340000 
نائب رئيس المحكمة العليا

المحامي العام الأول
220000 90000310000 
قاضي المحكمة العليا

محامي العام (أ)
20000080000280000 
رئيس محكمة استئناف 

محامي عام (ب)
18000075000255000 
نائب رئيس محكمة استئناف

رئيس نيابة عامة اول
16000070000230000 
قاضي محكمة استئناف

رئيس نيابة عامة (أ)
14000065000205000 
رئيس محكمة ابتدائية

رئيس نيابة عامة (ب)
12000065000185000 
قاضي محكمة ابتدائية
وكيل نيابة عامة (أ)
10000060000160000 
قاضي محكمة جزئي

وكيل نيابة عامة (ب)  
8000055000135000 
مساعد نيابة عامة (أ)6000040000100000 
مساعد نيابة عامة (ب)400003500075000 
معاون نيابة عامة200003000050000 

من خلال الجدول الصادر باتفاق الوزرات الثلاث وتعميد رئيس مجلس الوزراء  يكون حساب المرتبات التي يتقاضاها القضاة ومساعدي القضاة نجد أنها تبدأ بـ340000 وتنتهي بـ 50000.

٣- مراحل اعداد الموازنة في وزارة العدل

توجد في وزارة العدل ادارة عامة معنية بموازنة السلطة القضائية، وهي الادارة العامة للتخطيط وموازنة السلطة القضائية  حيث تتولى هذه الادارة المهام والاختصاصات الآتية:

١-  تجميع مشروعات موازنات هيئات وأجهزة السلطة القضائية في المواعيد المحددة

وإعداد مشروع موحد لموازنة السلطة القضائية تمهيدا لتقديمه للمجلس وإعداد المذكرات

المتعلقة به ومتابعة الإجراءات الدستورية والقانونية بشأنه.

٢- تجميع مشروعات الحسابات الختامية لهيئات وأجهزة السلطة القضائية في المواعيد

المحددة وإعداد مشروع الحساب الختامي الموحد للسلطة القضائية وتقديمه للمجلس

وإعداد المذكرات المتعلقة به ومتابعة الإجراءات الدستورية والقانونية  بشأنه.

 ٣- اقتراح مشروعات اللوائح والقواعد المالية للسلطة القضائية وتقديمها للمجلس

ومتابعة تنفيذها بعد إقرارها.

٤- دراسة السياسات والأنظمة المالية للسلطة القضائية وتحليلها وتقييمها واقتراح

مايلزم بشأنها.

٥-متابعة مستوى تنفيذ موازنات هيئات وأجهزة السلطة القضائية.

٦-  جمع المعلومات والبيانات والإحصائيات عن كل أنشطة السلطة القضائية ودراستها

وتحليلها وإجراء البحوث المتعلقة بها واستخلاص المؤشرات والنتائج بشأنها.

٧- توثيق المعلومات والبيانات والإحصائيات وتنظيمها وأرشفتها باستخدام أحدث الطرق

والأساليب العلمية والتقنية وإنشاء نظام معلومات حديث.

٨-  إنشاء موقع للمجلس على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنت) ومتابعة تحديثه

وتطويره وحمايته.

٩- دراسة الخطط والبرامج العامة للدولة والحكومة وتحليلها واستخلاص المؤشرات والنتائج

ذات الصلة بالسلطة القضائية.

١٠- التنسيق لإعداد مشروعات خطط وبرامج هيئات وأجهزة السلطة القضائية ودراستها

وتحليلها وإعداد الملاحظات حولها.

١١-  وضع مشروعات الخطط  والسياسات العامة للسلطة القضائية بالاشتراك مع بقية الإدارات

وتقديمها للمجلس ومتابعة تنفيذها بعد إقرارها ورفع التقارير والملاحظات اللازمة

بشأنها.

هيكل الادارة المختصة بالموازنة الإدارة العامة للتخطيط وموازنة السلطة القضائية

  
 

وأمام هذه الاختصاصات التي تقوم بها الادارة العامة للموازنة في وزارة العدل، فان هذه الادارة تتولى التعامل مع الموازنة السنوية وفقا لتعليمات وزارة المالية، 

 وبموجب المادة  (14) من القانون المالي تشكل في كل جهة لجنة تختص بإعداد مشروع موازناتها وتلتزم في الإعداد بالأسس والقواعد الصادرة من وزير المالية المنصوص عليها في المادة السابقة  وبالنماذج والجداول التي تحددها وزارة المالية وتحدد اللائحة التنفيذية طريقة تشكيل اللجنة . 

ورغم هذه النصوص وصراحتها، فإن ما يجري على ارض الواقع مختلف تماماً. حيث يقوم مجلس القضاء بتقدير موزانةالسلطة القضائية ولكن الحكومة ممثلة بوزارة المالية لا تلتفت الى هذا الامر وتقوم بتحديد الموازنة السنوية وفقا لما تريد خلافا لما يرفعه مجلس القضاء الاعلى. وفي الفترة الاخيرة جرى جدل حول هذا الامر بسبب ما أثير حول ميزانية السلطة القضائية للعام ٢٠١٢م حيث لم تلتفت الحكومة لما اقره مجلس القضاء الاعلى من  مبلغ حدده كموازنة سنوية لمواجهـة نفقـات السلطـة القضائيــة للعام2012م بما يفــوق ال30مليار ريال، وهــو مبلــغ يــزيد بنسبــة 100% عن حجــم موازنـة القضـاء للعــام الفائــت والتـي تقــدر تقريبـاً ب16 مليار

ريال، وهو ما اعتادت الحكومات المتعاقبة على ممارسته.  

والغريب ان مجلـس القضاء واجــه هــذا الموقف من الحكومة ببيان هو اقرب الى الشكوى الى رئيس الجمهورية  ضد الحكومة  جاء فيه ” أن رئيـس المجلـس قد أبلـغ رئيـس الحكومـة بالمبلـغ الذي قدره المجلس كموازنة للسلطة القضائية” ورأى قطاع واسع من القضاة ان هذا الموقف من مجلس القضاء إهانة للسلطة القضائية ومؤشر الى حقيقة التعامل مع السلطة القضائية. من قبل السلطة التنفيذية ، ولعل هذا الموقف ليس بالجديد على  السلطة التنفيذية حيث جرى العمل على تجاهل المبادئ الدستورية الواردة في  المادة (152) من الدستور فقد تكرر هذا التجاهل بشكل سنوي منذ العام ١٩٩٠م  ، وهذا التجاهل يؤكد أن السلطة التنفيذية تنظر إلى هذا النص الدستوري باعتباره حق استشاري لا يرتقى الى مستوى الإلزام ، ومن جهة اخرى و من الناحية القانونية فإن هذا النص الدستوري لا يعني أبدا ان مجلس القضاء يمتلك الحق المطلق في تقدير الموازنة  دون شروط أو معايير، نعم لا يوجد نص دستوري أخر أو نص قانوني يوضح ويشرح تفاصيل استخدام الحق الوارد بهذا النص أو تقييده؛ لكن يمكن ومن خلال قراءة عملية موجزة لهذ المادة الاستهداء إلى أحكام ترتبت على  هذا الحق وتنظمه، فقد نصت المادة (152) من الدستور على: ((…… ويتولى المجلس دراسة وإقرار مشروع موازنة القضـاء ، تمهيـداً لإدراجهـا رقماً واحـداً في  الموازنة العامـة للدولـة )) و من خلال النص يتضح أن المجلس ليس له إلا حق دراسة وإقرار مشروع موازنة القضاء، وهذا يعني أن المجلس لا يمتلك حق اعداد مسودة مشروع الموازنة أو اقتراحها بداية. 

حيث جرى العمل في ارض الواقع على ان الحكومة ممثلة بوزارة المالية تقترح هذه المسودة وفق المبادئ العامة التي وضعتها لإعداد الموازنة العامة  وفقا لتقسيمات التي تراها، ثم تقدمها بالطريقة التي تقدم الموازنة العامة للدولة إلى مجلس النواب تقدمها إلى مجلس القضاء لدراستها وإقرارها، وبعد أن يستمع المجلس لمبررات الجانب الحكومي، يقوم بعدئذ بإقراراها حسب خططه واستراتيجياته وله حق تعديلها وفق القواعد العلمية المعقولة، ثم تقوم الحكومة بإدراجها كرقم واحد غير مفند ولا موزع ضمن الموازنة العامة للدولة التي تقوم بتقديمها إلى مجلس النواب لإقرارها تمهيداً لربطها بقرار من رئيس الجمهورية.

٤- برامج الاصلاح القضائي

ارتبطت برامج الاصلاح القضائي بعلاقة متلازمة بين وزارة العدل والسلطة القضائية، وقبل الحديث عن برامج الاصلاح، نرى ان نناقش العلاقة بين وزارة العدل والسلطة القضائية وطبيعة الرابطة بين الجهتين. 

اولا: العلاقة بين وزارة العدل والسلطة القضائية

ان دور وزارة العدل يتمثل في الوصول الى العدالة الاجرائية والموضوعية للمتخاصمين سواء كانوا مواطنين أو أو أجهزة دولة، ودور وزارة العدل كمؤسسة في هذه الحالة تقتضي أن تعمل على اصلاح وتحسين النظام القضائي من خلال اصلاح وتحسين المحاور الأساسية للنظام القضائي بشقه القضائي والاجرائي، والمنظومة الادارية التي تواكب هذا النظام القضائي.

وتعتبر وزارة العدل هي الممثل والمشرف على (السلطة القضائية) احدى السلطات التي تقوم عليها سلطات الدولة، وهي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية الى جانب السلطة القضائية. 

والوزارة بذلك تمتلك تاثير ونفوذ على أجهزة ومؤسسات تشكل في مجموعها قوام السلطة القضائية وتتمثل هذه الاجهزة في  التالي:-

1- القضاء بمستوياته الثلاث الابتدائية والاستئنافية والعليا.

2- النيابة العامة بمستوياتها المختلفة.

3- الادارة القضائية.

4- مجلس القضاء الاعلى كجهة اشرافية عليا.

5- ديوان عام وزارة العدل.

بحسب اللائحة التنظيمية لوزارة العدل الصادرة بالقرار الجمهوري رقم (122) لسنة 2006م فإن وزارة العدل تهدف الى   إلى تجسيد استقلال السلطة القضائية و تنظيم و تطوير القضاء و الأجهزة المعاونة لها، و توفير الخدمات و التجهيزات الفنية والمالية والإدارية  لأجهزة القضاء و تسهيل سير العمل فيها بما يحقق سلامة تطبيق القوانين  و يكفل للقضاء أداء رسالته في إقامة العدل بين الناس و حماية حقوقهم ، و تمارس الوزارة نشاطها و تضع الخطط و البرامج اللازمة  لانجاز المهام المناطه بها استناداً إلى الدستور و القوانين النافذة و خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية  و برامج الإصلاح القضائي. 

وبحسب اللائحة التنظيمية فإن وزارة العدل تتولى المهام و الاختصاصات الآتية :-

1.    إعداد مشروعات القوانين واللوائح ذات الصلة بعمل الوزارة و الأجهزة التابعة للوزارة .

2.    إعداد مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بالقضاء .

3.    تشييد و تجهيز دور القضاء و صيانتها و مدها بالمستلزمات المطلوبة .

4.    العمل على رفع مستوى الأداء الوظيفي لمنتسبي السلطة القضائية و الأجهزة التابعة للوزارة .

5.    توفير الكوادر البشرية اللازمة من القضاة والموظفين للمحاكم و الأجهزة التابعة للوزارة وفقاً لقانون السلطة القضائية و التشريعات النافذة  .

6.    تأهيل منتسبي السلطة القضائية في المعاهد المتخصصة في الداخل والخارج و العمل على تطوير المعهد و دعمه  لأداء مهامه التأهيليه .

7.    تنظيم و إجراء التفتيش على أعمال المحاكم و القضاء و إعداد مشروعات الحركات القضائية وفقاً للقانون .

8.    إعداد وتطبيق نظم حديثة للمعلومات بهدف جمع و توثيق المعلومات و البيانات و الإحصائيات و الوثائق القضائية المتعلقة بالوزارة و الأجهزة  التابعة للوزارة للاستفادة منها في إجراء الدراسات والبحوث و وضع الخطط والبرامج الهادفة إلى تنظيم  و تطوير العمل .

9.    الإشراف و التفتيش الدوري و المفاجئ على جميع الأعمال المالية و الإدارية و الفنية في الوزارة و المحاكم و الأجهزة التابعة للوزارة للتأكد من التزامها بالقوانين و اللوائح النافذ .

10. الإشراف على أعمال التوثيق و  تنظيم مهنة الأمناء و وضع الخطط  والبرامج الكفيلة بتطوير هذه الأعمال و رفع مستوى أدائها بما يضمن  ضبط التصرفات الشرعية والقانونية ويصون وثائقها .

11. إعداد مشروعات القوانين واللوائح المنظمة لمهن أعوان القضاء و وضع الخطط والبرامج الكفيلة بتطويرها و رفع مستوى أدائها .

12. نشر التوعية  القضائية في أوساط المجتمع بما يؤدي إلى ترسيخ المفاهيم الصحيحة لدى أفراد المجتمع و يساعدهم على سلوك الطرق الصحيحة أمام الجهات القضائية .

13. العمل على تنمية و تطوير العلاقة بين هيئات السلطة القضائية والسلطات العامة  الأخرى و ترسيخ أسس سليمة للعلاقة بين القضاء و المحاماة و جهات الضبط .

14. العمل على تنمية و تطوير علاقات التعاون القضائي و الفني مع الوزارات والهيئات المعنية بشئون العدل والقضاء في الدول الشقيقة والصديقة , و إعداد مشروعات الاتفاقيات الإقليمية و الدولية في المسائل القضائية بالتنسيق مع الجهات المختصة والمشاركة في المفاوضات التي تجري بشأنها  و متابعة تنفيذ اتفاقيات التعاون القضائي المصادق عليها .

15.تمثيل الجمهورية في المؤتمرات و الاجتماعات و الندوات الإقليمية والدولية  ذات الصلة بأنشطتها .

16. أي مهام أخرى تقتضيها طبيعة نشاط الوزارة أو تنص عليها القوانين واللوائح و القرارات النافذة .

ووفقا لذلك فإن الوزارة  كمشرف ومسيطر على السلطة القضائية، ترتكز في رسالتها على ضمان تحقيق العدالة كميزان في الدولة، وبقدر التوازن والفاعلية في تمثلها لهذا الدور بقدر ما يتحقق العدل كقيمة عليا في المجتمع.

ولا شك ان العدالة الاجرائية في العمل القضائي مهمة بقدر أهمية العدالة الموضوعية، والاحتياج لوزارة العدل ينطلق من كونها تتولى الاشراف المالي والاداري على القضاء، وبالتالي فإن العلاقات بين المواطنين أنفسهم وبين المواطنين واجهزة الدولة الاخرى تعتمد على ما يمكن ان تؤديه وزارة العدل من رسالة حال كون جوهر الرسالة هو العدالة كقيمة عليا.

ومن حيث  العلاقة التشريعية بين وزارة العدل ومكونات السلطة القضائية تعتبر وزارة العدل الجهاز الاداري التنفيذي الذي يقوم بدفع رواتب الموظفين الإداريين المساعدين في المحاكم والنيابة العامة، كما ان وزارة العدل تتولى مسئولية توفير مستلزمات العمل في المحاكم على مستوى المحافظات والمديريات والنواحي مثل توفير المباني وترميمها وصيانتها، بالاضافة الى تزويدها بالتجهيزات والمعدات الفنية من كمبيوترات وآلات تصوير وطباعة، وتوفر وزارة العدل أيضاً الأثاث والأدوات المكتبية والكتب والمراجع القانونية العلمية وتسديد فواتير الكهرباء والماء وخدمات الهاتف. 

ومن خلال عضويته في مجلس القضاء الاعلى، يشارك وزير العدل في وضع موازنة السلطة التشريعية، ” علما بانه حتى السنة المالية ١٩٩٨م فان ميزانية المحاكم وهيئة الادعاء العام السنوية تدرج في اطار ميزانية وزارة العدل، وان الإيرادات اليومية للمحاكم من الرسوم التي يدفعها المتقاضون والأفراد تذهب الى خزانة الدولة كايرادات لأجهزة السلطة القضائية في اطار إيرادات وزارة العدل” (تنظيم السلطة القضائية  وفقا لتشريعات الجمهورية اليمنية- د.صالح احمد بامعلم-إصدارات جامعة عدن-١٩٩٩-٢٠٠٠) 

وهناك الكثير من المحاولات التي اقدمت عليها قيادة وزارة العدل خلال السنوات الماضية، لمحاولة احداث اصلاحات في بنية الادارة المشرفة على اعمال السلطة القضائية، وكذلك محاولات ادخال التحسينات في بنية القضاء وتزويده بالوسائل الكفيلة بالنهوض به، من خلال الاهتمام بالقاضي كفرد، من حيث المرتب والاحتياجات، ولكن مازالت الامور ليست بالصورة المتوقعه.

ولكن القضية الاكثر اثارة للجدل والنقاش في هذا الجانب تتعلق بجوهر دور وزارة العدل، ومدى تحقيق هذا الدور لماهية الوزارة، ومدى انعكاس ذلك على رسالتها، فجوهر المشكلة كما يراه عدد من المهتمين بشأن العدلي والقضائي، يرى ان المشكلة الرئيسية المعيقة لوزارة العدل في تحقيق الرسالة ولعب الدور، هو في المساحة الكبيرة جداً من السيطرة التي تتمتع بها الوزراة، الى الحد الذي يجعلها معيق لتحقيق استقلال السلطة القضائية عن هيمنة وسيطرة السلطة التنفيذية.

ثانيا: أهم مظاهر السيطرة والهيمنة لوزارة العدل كممثل للسلطة التنفيذية على اعمال السلطة القضائية. 

بموجب المادة (149) من الدستور فإن القضاء سلطة مستقلة قضائياً ومالياً وإدارياً والنيابة العامة هيئة من هيئاته،والقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية جهة وبأية صورة التدخل في القضايا أو في شأن من شؤون العدالة ويعتبر مثل هذا التدخل جريمة يعاقب عليها القانون،ولا تسقط الدعوى فيها بالتقادم.وبموجب المادة (152) من الدستور ايضا فإنه يكون للقضاء مجلس أعلى ينظمه القانون ويبين اختصاصاته وطريقة ترشيح وتعيين أعضائه، ويعمل على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة من حيث التعيين والترقية والفصل والعزل وفقاً للقانون، ويتولى المجلس دراسة وإقرار مشروع موازنة القضاء، تمهيداً لإدراجها رقماً واحداً في الموازنة العامة للدولة.

ولكن الحال مختلف تماماً عن مراجعة تفاصيل وأحكام قانون السلطة القضائية  رقم ((1)) لسنة 1991م ، حيث تسيطر وزارة العدل ممثلة بالوزير على أغلب مفاصل القضاء، وبإستعراض بسيط للصلاحيات التي يملكها وزير العدل بموجب قانون السلطة القضائية نجد أنه :-

1/   ـ تصدر حركة تنقلات قضاة المحاكم الاستئنافية بقرار جمهوري بناء على عرض وزير العدل، بعد التشاور مع رئيس المحكمة العليا، وبعد موافقة مجلس القضاء الأعلى. 

  ـ لوزير العدل عند الضرورة أن يندب أحد القضاة ولمدة لا تتجاوز ستة أشهر قابلة للتجديد مدة أخرى مماثلة في الحالات الآتية:

1 ـ ندب أحد قضاة محاكم الاستئناف للعمل في محكمة استئناف أخرى.

2 ـ ندب أحد قضاة المحاكم الابتدائية للعمل في محكمة ابتدائية أخرى. مادة(65)

2/  يجوز بقرار جمهوري بناء على عرض وزير العدل وموافقة مجلس القضاء الأعلى ندب القضاة لشغل وظائف غير قضائية بموافقتهم ويحتفظ لهم بكافة الامتيازات. مادة(66)

3/ تحدد المرتبات والبدلات لأعضاء السلطة القضائية وفقاً للجدول الملحق بهذا القانون ويجوز بقرار من رئيس الوزراء بناء على عرض وزير العدل منح بدلات أخرى لأعضاء السلطة القضائية غير ما ورد بهذا القانون. مادة(67) 

4/ يمنــــح أعضـــــاء السلطــة القضائيــة بدل طبيعــة عمــل أو بدل تحقيق بواقع (30% إلى 50%) من المرتب الأساسي بحسب ظروف وطبيعة العمل والمناطق التي يعملون بها يصدر بتنظيم منحه في إطار حدي النسبة المقررة قرار من وزير العدل. مادة(68)  

5/ يمنح أعضاء السلطة القضائية المعينون في المناطق الريفية بدل ريف بواقع 30 % إلى 60% من المرتب الأساسي، يصدر بتحديدها وتحديد نسبة البدل المقرر لها في إطار الحدين المذكورين قرار من وزير العدل. مادة(69)

6/  يمنح أعضاء السلطة القضائية المعينون في المناطق التي لا يملكون بها مساكن أو التي لم يوفر لهم فيها مسكن من الدولة بدل سكن يصدر بتحديده قرار من وزير العدل بحسب ظروف إيجارات كل منطقة. مادة(70)

7/ يمنح القضاة العلاوات الدورية طبقاً للنظام المقرر بالجدول الملحق بهذا القانون وبما لا يتجاوز نهاية المربوط المقرر لكل وظيفة وذلك بعد انقضاء سنة من تاريخ الالتحاق بالوظيفة، وتستمر سنوياً طالما ظل عضواً في السلطة القضائية. 

ويصدر بها قرار من وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى. مادة(72)

8/  للقضاة عطلة قضائية سنوية شهران يكون شهر رمضان المبارك أحدها ويحدد الشهر الآخر بقرار من وزير العدل بعد موافقة مجلس  القضاء الأعلى، ولا تنظر خلال العطلة القضائية إلاَّ القضايا المستعجلة. مادة(73) 

9/  مع عدم الإخلال بما للقضاء من استقلال فيما يصدر عنه من أحكام أو قرارات يكون لوزير العدل حق الإشراف الإداري والمالي والتنظيمي على جميع المحاكم والقضاة ولرئيس كل محكمة حق الإشراف على القضاة التابعين له وللنائب العام حق الإشراف على أعضاء النيابة العامة على ضوء القوانين والقرارات التي تنظم ذلك. مادة(89)

10/  لوزير العدل تنبيه القضاة كتابة إلى كل ما يقع منهم من مخالفات لواجباتهم حول مقتضيات وظيفتهم . مادة(91)

11/  تشكل بوزارة العدل هيئة للتفتيش القضائي من رئيس ونائب وعدد كاف من القضاة يختارون من بين قضاة المحاكم على أن يكونوا من ذوي الخبرة والكفاءة ويتم ندبهم بقرار من وزير العدل. مادة(92)

12/  تعد هيئة التفتيش القضائي ملفاً سرياً لكل قاض تودع به جميع الأوراق المتعلقة به ولا يجوز إيداع ورق بهذا الملف تتضمن مأخذ على القاضي دون إطلاعه عليها وتمكينه من الرد وحفظ ذلك الرد ولا يجوز لغير القاضي صاحب الشأن ووزير العدل ومجلس القضاء الأعلى الاطلاع على الملف السري. مادة(97)

13 /  لا يكون اجتماع مجلس القضاء الأعلى صحيحاً إلا بحضور أغلبية أعضائه على الأقل ويجب أن يكون من بين أعضائه الحاضرين وزير العدل. مادة(106)
وهكذا فإن الصلاحيات التي يملكها وزير العدل تجعل الحديث عن الاستقلال للسلطة القضائية ،وأهمية هذا الاستقلال لتحقيق برنامج الاصلاح المالي والاداري، حديثاً بغير معنى، وسيبقى القضاء تابع للسلطة التنفيذية والفصل بين السلطات حديث يفتقد للاساس الذي يقوم عليه.

 وعليه فإنه وفي ظل وجود تعارض في المصالح بين دور الوزارة في الاشراف على اعمال القضاء، وبين رسالتها في تحقيق العدالة، فإن المشكلة تظل قائمة، والشكوى مستمرة، وهذا ما يجعل الحاجة الى التخطيط الاستراتيجي مسألة ملحة وضرورية للخروج من أزمة العدالة الغائبة.

ثالثاً : الاصلاح القضائي

الجانب الاول: المراحل التاريخية للإصلاح القضائي

بنظرة بسيطة على واقع السلطة القضائية في اليمن منذ بعد الثورة وحتى بعد قيام الوحدة اليمنية في 22مايو 1990م يمكن استخلاص ان الاستجابة للاحتياجات والمتطلبات لا يمضي بالكفاءة المطلوبة ولا يتم التعامل مع المتغييرات بصورة سليمة بما يمكن ان يوفر حلول للمشكلات التي تواجه القضاء والمؤسسة العدلية بشكل عام. ويمكن مقارنة ذلك من خلال قراءة خطتين تم وضعهما للاصلاح القضائي الاولى كانت في 1979م في الجمهورية العربية اليمنية، والثاني في عام 1997 بفارق زمني ثمانية عشر سنة، حيث يظهر ان الاستجابة للمطالب والاحتياجات، لم يتم بالصورة المطلوبة.

  بحسب “خطة الاصلاح القضائي الشامل” التى اعدتها وزارة العدل في الجمهورية العربية اليمنية عام 1979م فإن اهم مشاكل القضاء – والتي مازالت حاضرة الى يومنا هذا- والتي أوردتها الخطة والتي نشرها القاضي/محمد راشد عبدالمولى في كتابه ” تطور التشريع والقضاء في الجمهورية اليمنية”  على النحو التالي:-

1-   انتهاك استقلال القضاء وسيادته بالتدخل في شئونه واهدار تنفيذ احكامه.

2-   عدم تطبيق الاجراءات القضائية في نظر الخصومات والفصل فيها.

3-   عدم توثيق العقود والتصرفات الشرعية لاضفاء الحجية الرسمية عليها.

4-   عدم توثيق الاعمال والاجراءات القضائية.

5-   فقدان الرقابة القضائية على رجال القضاء.

6-   ندرة العناصر القضائية الصالحة لتولي القضاء ونقص مستوى الثقافة القضائية في الكثير من القائمين به.

7-   تشييد مباني المحاكم وتأثيثها

9-   تردي اوضاع وزارة العدل واثرة على الاجهزة المعاونة للقضاء.

10-ازدواجية النظام القضائي والاجهزة المشرفة عليها.

ومن خلال هذه المشاكل الرئيسية التي كانت تواجه القضاء منذ أكثر من ثلاثين سنة يمكن تلمس أبرز مظاهر الثقافة التنظيمية التي تسود في المحاكم والنيابات، ورغم ان هناك الكثير من الخطوات التحديثية التي شهدها القضاء والنيابات منذ قيام الوحدة اليمنية عام 1990 ومن قبل ذلك أيضاً.ولكن ذلك التطور لم يصل الى الحد الذي يمكن القول معه بوجود اصلاح قضائي يمكن البناء عليه، حيث ورد في المشروع المقدم من وزير العدل في العام 1997م تحت عنوان “المعالم الرئيسية لخطة الاصلاح القضائي” ما يتضمن بقاء الاوضاع على حالها منذ أن صدرت ”  خطة  الاصلاح القضائي الشامل” عام 1979م، فقد جاء في المعالم الرئيسية ” أن الوضع الحالي سيئ للغاية ويتطلب عملية انقاذ عاجلة،وأن مظاهر القصور والسلبيات التي يجري الحديث عنها لا تمثل سوى رأس جبل الثلج في بحر عميق يزخر بكثير من السلبيات ..لان معظمها ناتج عن عدم استقرار التنظيم القضائي وازدواجية الاختصاص والممارسة وعدم تحديد المسئولية. 

وعند الحديث عن الصعوبات التي تنتج عن هذه الاختلالات في القضاء نجد أن هنا جملة من الاشكالات تتمثل في: –

   البطء في  اجراءات التقاضي وتأخر القضاء في الفصل بالقضايا سواء بسبب الإهمال أو عرقلة القضايا لمصلحة ما لطرف ضد الآخر وأحياناً لعدم وضوح القوانين وكذا عشوائية حركة التنقلات القضائية التي قد تتسبب في أن يقوم القاضي الجديد في إعادة النظر بالقضايا حتى وإن مر عليها فترة طويلة أمام القاضي السابق.

·     لا تزال ثقة المواطن اليمني بالقضاء ضعيفة سواء بسبب العوامل المذكورة سابقاً أو بسبب ضعف الوعي القضائي لدى المواطن.

·     التأخير في تنفيذ الأحكام القضائية من المشاكل البارزة والتي تعمل على تعزيز ضعف ثقة المواطن بالقضاء.

·    بالرغم من كثرة عدد المحامين إلا أنهم أيضاً يساهمون في المشكلة حيث أن الكثير منهم لا يتورع عن الترافع عن قضايا غير نزيهة بل ويستخدم شتى الوسائل من أجل ذلك بسبب وجود الكثير من الثغرات في إجراءات التقاضي والتي تساعد على تمرير تلك الممارسات. ومن جهة أخرى لا يزال وعي المواطن بأهمية اللجوء إلى المحامون ليس بالمستوى المطلوب .

·       هي التأجيلات، وأحياناً مسألة عدم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق بعض الخصوم المماطلين.

·       الذي يرفض فيه قاضي التنفيذ تنفيذ حكم ينظر في استئنافه.

 الجانب الثاني: استراتيجية تحديث وتطوير السلطة القضائية 2006-2015

قامت وزارة العدل بتبني استراتيجية لمدة عشر سنوات من 2006-2015 ، وجاء في مقدمة الاستراتيجية ” إن منهج تحديث وتطوير السلطة القضائية ظل ولا زال يمثل الاختيار الحضاري والتوجه الإنساني الذي أخذت وتأخذ به الدولة للوصول إلى قضاء عادل يحفظ مكانتها ويعزز احترام وهيبة واستقلال القضاء. ولا شك أن ترسيخ الأمن والاستقرار السياسي والاجتماعي وانتهاج الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان السياسية والاجتماعية  يعتبر أساساً قوياً لاستقرار الحياة ويتطلب أن تتوفر الضمانات والإمكانيات التي تُمكن أجهزة السلطة القضائية من تحقيق هذا الهدف ويأتي في مقدمة الأولويات:

1)          الإعداد والتأهيل المستمر للقوى الوظيفية العاملة في أجهزة القضاء ليتمكنوا من مواكبة التطورات في الجمهورية اليمنية بصفة خاصة وفي العالم بصفة عامة.

2)          استكمال البناء التشريعي والتنظيمي لأجهزة السلطة القضائية.

3)          استكمال البنى التحتية لأجهزة وهيئات السلطة القضائية.

4)          تحسين الوضع المعيشي لمنتسبي السلطة القضائية.

وحرصت مقدمة الاستراتيجية على  توضيح الخلفية التي جاءت من خلالها الاستراتيجية والمتعلقة بالدعم الدولي وتوجهاته في هذا الشان، حيث تؤكد انه تم استلهام الاستراتجية لأهداف الألفية ” وحتى تحقق الإستراتيجية واقعيتها وتسير وفق الأهداف المرسومة لها كان لا بد من استلهامها للرؤية الإستراتيجية لليمن حتى عام 2025م ومراعاتها لما يدخل ضمن واجبات السلطة القضائية من أهداف التنمية الألفية المنبثقة عن إعلان الألفية الذي أقره قادة العالم في قمتهم الألفية المنعقدة في سبتمبر 2000م برعاية الأمم المتحدة وهو ما تم مراعاته عند إعدادها.” 

وفيما يتعلق بالاستقلال المالي للسلطة  القضائية فقد رأت الاستراتيجية انه ”  وتعزيزاً لذلك يتطلب الأمر إعداد مشروع الموازنة أساساً كميزانية محاكم وفق أسس وضوابط للإعداد والصرف تتضمنها لائحة خاصة بموازنة السلطة القضائية والحساب الختامي لها.” 

وفي تحليلها لمجال القدرات البشرية والمادية للسلطة القضائية، فإن الاستراتيجية أكدت على ان القضاء قد شهد ” خلال العقد الأخير من القرن العشرين وبالأخص  عام1994م،  قفزة نوعية مهمة فقد جرى تعديل دستوري نص على الإستقلال القضائي والمالي والإداري للقضاء وهو ما أدى إلى حدوث نوع من التحسن في مستوى الأداء والتنظيم في إطار السلطة القضائية نتيجة لشعور منتسبيها بأن تقنين مبدأ إستقلال السلطة القضائية على النحو المنصوص عليه في المادة(149) من الدستورسيعود بالفائدة على كافة هيئات وأجهزة السلطة وسيساهم في تحسين الأداء وتوفير المتطلبات والاحتياجات ويقلل من تأثير التدخل في شئون القضاء.  وبالفعل فقد نتج عن تطبيق ذلك المبدأ تحقيق تحسن فعلى في هيكل المرتبات والعلاوات السنوية للقضاة وأعضاء النيابة العامة وتحسن طفيف في الكادر الإداري ونفقات تشغيل المحاكم والنيابات وتوسع في تنظيم الدورات التدريبية والتأهيلية للقضاة وأعضاء النيابات وتزويد المحاكم والنيابات العامة بالقوانين الموضوعية والإجرائية ذات الصلة بأعمالها وإنشاء العديد من المباني والمجمعات القضائية وإنشاء مركز المعلومات القضائية والشروع بتنفيذ الربط الشبكي للكمبيوتر بحيث يغطي المحاكم في المحافظات وأصدرت صحيفة شهرية.” 

ومن جانب آخر أظهرت نتائج تقييم الخطة الخمسية الثانية 2001-2005م الصعوبات التالية:-

1- عدم الإهتمام والتخطيط لمواجهة النقص في عدد القضاة الناتج عن الحركة القضائية والتقاعد والترقية والعزل والمرض والوفاة فقد أظهر التقييم أن نسبة النقص في عدد القضاة حوالي 20% خلال سنوات الخطة ولا يوجد مصدر لسد هذا النقص غير مخرجات المعهد العالي للقضاء.

2- التوسع القضائي لا يواكبه زيادة في الإمكانيات المادية والبشرية بالقدر الذي يغطي الإحتياج والعجز القائم وتبقى الهوة كبيرة بين هذا وذاك.

3- عدم الإهتمام بالتخطيط الشامل لأجهزة السلطة القضائية كوحدة تكمل بعضها.

4- تقلب الأسعار خلال سنوات الخطة.

أ- القدرات البشرية للسلطة القضائية

 و فيما يتعلق بالقدرات المادية فالاستراتيجية ترى انه  ”  تعتبر الإمكانيات المادية للسلطة القضائية إحدى العوامل الرئيسية لاضطلاع أجهزة العدالة بمسئولياتها والضمانة الفعلية لصونها من القصور والإختلالات والتطرق إلى هذا الموضوع يتطلب الحديث عن البرامج القضائية والدعم الحكومي والخارجي لها وإنشاء المقار والمجمعات الحديثة والتجهيزات ووسائل النقل على النحو التالي:

أولاً : الدعم الحكومي والخارجي  للخطط والبرامج القضائية:

1- الدعم الحكومي:

     الأصل أن تتلقى أجهزة القضاء والنيابة العامة المزيد من الدعم والتمويل والتسهيل الحكومي لكفالة حسن سيرها وتفعيل الأعمال المنوطة بها باضطراد وبعث الاطمئنان في نفوس منتسبيها من القضاة وأعضاء النيابة العامة لأن الدعم الموجود لا يلبي متطلبات الخطط والبرامج الموضوعة لإصلاح وتحديث أجهزة القضاء والنيابة العامة.

     إن الدعم الحكومي (الموازنة العامة للسلطة القضائية) تزداد كل سنة بحوالي(10%) وهذا لا يتوافق مع البرامج التفصيلية لبرامج الحكومة في تنمية السلطة القضائية التي تتطلب زيادة بنسبة(50%) سنوياً

  كما أن مبالغ الرسوم القضائية وإيرادات صندوق دعم القضاء تصب في الخزينة العامة وبالبنوك الحكومية في حساب واقف مع أن الدافع على إنشاء الرسوم القضائية وصندوق دعم القضاء هو دعم منتسبي القضاء والنيابة العامة في متطلباتهم وتأمينهم من المخاطر والإصابات التي يتعرضون لها أثناء فترة عملهم ومواجهة آثارها بالإضافة إلى دعم مشاريع ومتطلبات أجهزة القضاء أسوة بما هو جار في معظم الدول العربية والإسلامية.

 وفيما يتعلق بنفقات تشغيل المحاكم والنيابات العامة فإن الإعتمادات المالية لهذا البند الهام على مستوى محافظات الجمهورية لا تحقق سوى القليل من الأغراض المرجوة منها لعدم تناسبها مع التوسع المضطرد في المحاكم والنيابات العامة واستحداث الكثير منها في بعض المحافظات ويتبع ذلك إعادة النظر في توزيعها على أسس وقواعد سليمة تلبي الغاية المرجوة منها.

2- الدعم الخارجي:

          الهبات والقروض والمنح التي تتلقاها  أجهزة القضاء لا تتناسب مع موجبات الإصلاح القضائي وإن كانت تؤدي إلى تخفيف بعض الأعباء وتحسين قدرات القضاة وأعضاء النيابة وإكسابهم الخبرة والمعرفة.

ب- توصيات المؤتمر القضائي الأول13-15ديسمبر2003م:-

  عقد المؤتمر القضائي الأول في العاصمة صنعاء في الفترة من 19شوال1424هـ الموافق13ديسمبر2003م. حتى 21شوال 1424هـ الموافق 15ديسمبر2003م. تتويجاً للمؤتمرات القضائية الفرعية على مستوى محافظات الجمهورية وذلك في اتجاه السعي لتقييم سير العمل في أجهزة السلطة القضائية لتعزيز الإيجابيات ومعالجة السلبيات ودعم قدسية القضاء وهيبته واستقلاله واحترام تنفيذ أحكامه، فضلاً عن تفعيل التعاون بين أجهزة السلطة القضائية وأجهزة الضبط القضائي، خدمة للعدالة ومساهمة في تعزيز الأمن و الاستقرار وتوفير مناخات الاستثمار والتنمية الشاملة. لمواكبة مسيرة التحديث والبناء المؤسسي لدولة النظام والقانون وتقريب العدالة وتيسير سبلها والاضطلاع بالمهام التي رسمها الدستور للسلطة القضائية كسلطة مستقلة إلى جانب السلطتين التنفيذية والتشريعية. وغير خافٍ ما تسهم به هذه المؤتمرات من نقل صورة للواقع الميداني الذي يعين القائمين في مجلس القضاء الأعلى على رسم خطط وسياسات تطوير القضاء، ومتابعة تنفيذها وفقاً لسلّم الأولوية الذي يقره المجلس وفي بحر المدد الزمنية التي يحددها، بما يكفل تقريب المسافة بين التخطيط والتنفيذ وصولاً إلى تجسيد القضاء النزيه العادل المستقل الذي يستحقه وطننا الحبيب  فقد أقر المؤتمر العديد من التوصيات وكان من التوصيات ما يتعلق بالموازن العامة للسلطة القضائية وجاء في التوصية التالي:

 ”  لا تخفى الحالة الراهنة لأوضاع القضاء ومتطلبات العدالة والتنمية لتحسين هذه الأوضاع في فترة زمنية معقولة للسنوات 2005-2015 (فترة تنفيذ الإستراتيجية) وهي السقف الزمني للتغلب على السلبيات القائمة في مجال القضاء والقيام بعملية التحديث وكفالة القضاء للجميع بيسر وسهولة وأقل تكلفة.   وهذه الإستراتيجية أعدت لهذا الغرض ولكن تتطلب المبالغ اللازمة لتنفيذها ما لم فإنها ستتعثر.

وكمعادلة رقمية فإن الموازنة للنفقات الجارية للوزارة للعام 2004م  هي مبلغ(4.298.592.200)ريال بينما ما تطلبه المهام لتنفيذ البرامج التنفيذية لنفس العام2004م مبلغ(5.300.000.000) ريال وبالتالي فإن الفارق هو مبلغ(1.001.407.000) ريال. وبالنسبة للنفقات الرأسمالية للوزارة فإن الموازنة العامة للعام2004م مبلغ(700.000.000) ريال بينما ما تطلبه المهام لنفس العام مبلغ(2.853.462.000) ريال وبالتالي فإن الفارق هو مبلغ(2.153.462.000)ريال.

ولهذا فمن الضروري زيادة الموازنة العامة للسلطة القضائية لتنفيذ الإستراتيجية للفترة الممتدة من 2005حتى2015م.   بنسبة تفوق النسب الاعتيادية للسنوات السابقة التي هي (10%) وستكون الزيادة السنوية التقديرية المطلوبة بنسبة(50%).”

٥- موازنة السلطة القضائية خلال الفترة   2000- 2010

ترد موازنة السلطة القضائية في تقديرات الموازنة العامة للسلطة المركزية تحت

مسمى ( هيئات السلطة القضائية)

 جدول موازنة السلطة القضائية:

ومما يمكن لفت النظر اليه في جانب عدم اخذ الحكومة باحتياجات السلطة القضائية ، وكذا ابقاء هيمنتها على السلطة القضائية يمكن مقارنة ما يتم تقريره من موازنة تمثل الاحتياج للسلطة القضائية وما يجري اعتماده فعلياً من قبل الحكومة في الموازنة العامة، ومن خلال الامثلة التالية نستطيع ان نقارن: –

1-   يوم الثلاثاء الموافق 21 يوليو- 2009م اجتمع مجلس القضاء الاعلى وأقر موازنة السلطة القضائية للسنة المالية 2010م بنحو (26.274.490.000) 26 ملياراً و 274 مليوناً و490 ألف ريال، بينما ما أقرته الحكومة واعتمده مجلس النواب فيما بعد تقريباً مبلغ ١٥،٦٩٠،٢٦١ وقبل مجلس القضاء بذلك.

2- الاثنين الموافق 27/سبتمبر/2010م اجتمع مجلس القضاء الاعلى وأقر موازنة السلطة القضائية للسنة المالية 2011م بنحو (18.690.261.000) 18 مليار و690 مليون و261 ألف ريال بينما ما أقره مجلس النواب هو ١٥،٧٠١،٧٣٩ ريال بفارق عما اقره مجلس القضاء بمبلغ (2.988.882 ) ريال، ورغم هذا لم يصدر مجلس القضاء  اي اعتراض  على هذا التجاهل المُتكرر لمقرراته، واكتفى بعد ذلك بتصريف نفقاته بذات الطريقة والاتجاه.

3- اجتمع مجلس القضاء الاعلى يوم الاثنين الموافق 21/نوفمبر/2011م وأقر موازنة السلطة القضائية للسنة المالية 2012م والمرفوعة من الأمانة العامة للمجلس، ولكن هذه المرة جاء اعلان الإقرار دون الإشارة الى مبلغ معين وكأن المجلس أراد بهذا رفع الحرج عن نفسه وبحسب مصادر مطلعة بأن الموازنة قد قدرت بنحو يزيد قليلاً عن ( 29.000.000.000 ) تسعة وعشرون مليار ريال. 

والحال ان موازنة السلطة القضائية وكما سبق تفصيله لا تتوافق مع برامج الاصلاح القضائي التي تتطلب ايجاد بنيه تحتيه وبناء حقيقي للسلطة القضائية والتي تم تفصيلها في مشروعات الاصلاح المختلفة. 

٦- التوصيات

لعل من افضل من يمكن ان يضع التوصيات هم المعنيين بالأمر والذين يلمسون جوهر المشكلة وافضل حل لها، ولهذا  فان ابلغ التوصيات التي يمكن التطرق لها هي تلك التي صدرت عن لمؤتمر القضائي الأول13-15ديسمبر2003م ومن اهم ما جاء فيها: 

١ –    تعديل نصوص قانون السلطة القضائية رقم(1)لسنة1991م بما يتفق والنصوص الدستورية النافذة فــــــي المـواد (149 ،150 ،151، 152، 153) منه لرفع شائبة عدم الدستورية عنه وبما يجسد وجود سلطة قضائية مستقلة مالياً وإدارياً وقضائياً إلى جانب السلطتين التنفيذية والتشريعية.

  • تفعيل دور مجلس القضاء الأعلى بما يكفل اضطلاعه بمهامه التي رسمها الدستور والقوانين وعلى وجه الخصوص وضع السياسات العامة لتطوير شئون القضاء ومتابعة تنفيذها ببرامج زمنية محددة وقيامه بالدور الموكل إليه في دراسة مشروعات القوانين المتعلقة بالسلطة القضائية، فضلاً عن ممارسة دوره المنوط به المنصوص عليه دستورياً وذلك بدراسة وإقرار مشروع موازنة القضاء تمهيداً لإدراجها رقماً واحداً في الموازنة العامة للدولة عملاً بنص المادة(152) من الدستور، مع إنشاء أمانة عامة لمجلس القضاء لتكريس العمل المؤسسي في أعماله.

المراجع:

١-موقع وزارة المالية اليمنية على الانترنت. 

٢- موقع وزارة العدل اليمنية على الانترنت. 

٣- تنظيم السلطة القضائية  وفقا لتشريعات الجمهورية اليمنية- د.صالح احمد بامعلم-إصدارات جامعة عدن-١٩٩٩-٢٠٠٠.  ٤- القاضي/محمد راشد عبدالمولى  ” تطور التشريع والقضاء في الجمهورية اليمنية”