ما مدى مشروعية التصوير من المنظور القانوني اليمني وبعض القوانين العربية والدولية  وهل يعتد بمكان التقاط الصورة بأخر؟ هل تصوير الشخص دون علمه يعد جريمة يعاقب عليها القانون وما هو الأساس القانوني التي استندت اليه القوانين التي تجرم ذلك الفعل  ان جرمته ؟؟ ما هو التكييف القانوني لهذه الظاهرة المستجدة؟ وهل تأخذ الأداة” الآلة أو الجهاز بعين الأعتبار؟!!  تساؤلات واطروحات كثيرة يتطلب الوقوف عندها و الأجابة عنها ومن خلال هذه الدراسة نحاول بشكل مؤجز الاجابة عن تلك التساؤلات من الزاوية القانونية …

لكل فرد حق مطلق على ملامح وجهة التي يتميز بها عن غيره وتتجسد في صورته ويعتبر أي استخدام لهذه الصورة بدون تصريح من صاحب الشأن عملا غير مشروع ويعتبر الأمر كذلك بالنسبة للشخصيات العامة مادامت هذه الخصوصيات لا تتصل بحياتهم العامة وقد ضاعف اختراع وسائل تصوير حديثة غاية في الدقة والجودة من احتمالات تهديد حرمة الحياة الخاصة للإنسان حيث أصبح من السهل التقاط صورة الأنسان ونشرها في نفس الوقت للعامة دون أن يشعر أو دون أذنه وقد يكون في حالة لا يرغب أن يراه الغير فيها.   

نتيجة لانتشار وسائل التصوير الدقيقة والسرية على نطاق واسع رأينا تسليط الضوء على حق الشخص في صورته نظرا لما أصبحت تمثل هذه الوسائل من انتهاك لحق الشخص في حياته الخاصة بالتقاط صور له ونشرها دون اذنه أو حتى دون علمه، وفي بعض الأحيان ولأغراض غير أخلاقية، يتم أجراء تعديلات على صورة الشخص بما يجعله محل استهجان أو بغض أو كرهيه من حوله من افراد المجتمع، دون وجود مساءلة قانونية أو تشريع جنائي يحمى هذا الحق بشكل مباشر. 

كثرة وقوع جرائم انتهاك الحق في الصورة فعلى سبيل المثال نجد على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لأشخاص في حالات لا يرغبون أن يراهم فيها أحد كحياة الشخص الزوجية والأسرية أو حياته داخل مسكنه أو حالته الصحية، أو صورة المتوفي بالنسبة لأسرته، والمشكلة تقتضي معرفة ما هو موجود ومتوافر من نصوص تشريعية مباشرة لحماية حق الشخص وخلفه في الصورة وما يعلن منها وما هو غير جائز اذاعته..

نسعى من خلال الدراسة الى توضيح مفهوم وماهية الحق في الصورة  وتوضيح النصوص القانونية التي يطبقها القانون حماية لهذه الحق ومحاولة تفريد نصوص جنائية لحماية هذا الحق الهام الذي يعتبر من عناصر حرمة الحياة الخاصة.

فكان لابد في هذا السياق التطرق لمعرفة معنى الحياة الخاصة؟؟

المقصود بحرمة الحياة الخاصة { حق الشخص في أن يعيش حياته الخاصة كما يرغب مع أقل تدخل خارجي فيها} بمعنى أدق واوسع “يقصد بالحياة الخاصة في حدها الأدنى ما يحرص الفرد على إخفائه على الغير”

ويندرج تحت تلك الحقوق المكفولة شرعاُ و قانوناً حق الشخص في صورته لماذا؟ لان صورة الأنسان جزء من كيانه الشخصي فلا يحوز المساس بها بأي شكل من الأشكال وتحت أي مبرر.

 وتجدر بنا الأشارة الى التفرقة التي تأخذ بعين الأعتبار مكان التقاط الصورة هل هو مكان عام بطبعة ام خاص وماذا يقصد بالمكان الخاص  بصرف النظر عن تباين آراء القوانين و الاختلافات ازاء هذه القضية محور دراستنا ؟

فيقصد بالمكان الخاص ذلك المكان الذي لا يحق لغير الشخص أو اشخاصاً محددين الدخول فيه أو الاطلاع على ما يجري فيه ألا بإذن منهم. نستدل من ذلك بان جريمة الانتهاك و الاعتداء على الحياة الخاصة لا تقع ولا تتحقق الا اذا كانت الصورة التي حصل عليها المتهم ذات صفة خاصة وبمكان خاص كقاعات الافراح والمناسبات بالنسبة للنساء في المجتمع العربي وقس على ذلك ولا نغفل بأن المكان الخاص من حيث المفهوم والاخذ به يختلف من مجتمع لآخر، وبصرف النظر عن نية وغاية الشخص الملتقط تلك الصورة فلا يعتد بالنوايا والكيفية التي استخدمت بها الصورة.

 وهنا يطرأ تساؤل هل هناك غطاء او حماية قانونية لحرمة الحياة الخاصة في القانون اليمني ونص عليها وافرد عقوبات خاصة  لمن يمس ويخترق تلك الحرمة المقدسة وما هو الأساس القانوني الذي استند اليه في تجريم الفعل و ما هو التكييف القانوني الممنوح لذلك السلوك الإجرامي ؟!

بالرجوع الى قانون  الجرائم و العقوبات اليمني نص المادة (256) التي نصت بقولها { يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة وذلك بان ارتكب احد الأفعال  الأتية في غير الأحوال المصرح بها قانونا أو بغير رضاء المجني عليه

1\ استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أيا كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق الهاتف 

2\التقط أو نقل بجهاز من الأجهزة أيا كان نوعه صورة شخص في مكان خاص.. الخ} يتبين لنا من خلال نص المادة سالفة الذكر بأن المشرع اليمني يجرم الفعل ولكن اشار وبشكل غير مباشر وفرق بين المكان العام والخاص على سبيل المثال اذا صدرت تلك الأفعال المشار اليها في الفقرتين السابقتين أثناء اجتماع او في مناسبة رسمية على مسمع أو مراى من الحاضرين في ذلك الاجتماع او المناسبة فإن رضا هؤلاء يكون مفترضاَ والعكس صحيح ..ناهيك عن ما نص عليه قانون الإجراءات الجزائية اليمني من المادة (14) بقوله:{لا يجوز المساس بحرية الحياة الخاصة للمواطن في غير الاحوال المصرح بها في هذا القانون يعتبر…. بها ارتكاب احد الافعال الاتية:- 

1-استراق السمع او تسجل او نقل  المحادثات التي تجري في مكان خاص  او عن طريق جهاز من الاجهزة الي كان نوعه

2-التقاط او نقل صورة شخص في مكان خاص بجهاز من الاجهزة السكان نوعه

3-الاطلاع على الخطابات والرسائل او البرقيات او مصادرتها }

ـ ومن هنا يتبن غاية المشرع من تجريم الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة لما فيها من سرية وتنظيم لحياته الشخصية وحفاظاً عليها دون  أي تدخل خارجي يفسدها وإذا لم يتدخل المشرع ويضفي عليها الحماية فستتعرض حياة الناس الخاصة للانتهاك، وستصبح محط اطلاع من يحوزون هذه الاجهزة مما يهدد تقاليد وقيم المجتمع ناهيك عن عدم الاستقرار والشعور بعدم الثقة والامن والأمان لدى الأنسان وهي من أعظم الحقوق وابسطها التي كفلتها الدساتير العربية والدولية .اضف الى ذلك ما نطرق و اكد عيه الدستور اليمني لسنة 2006م نص المادة (48)تمنع انتهاك حرمة  حياة الأخرين التي نصها:( تكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم و أمنهم ويحدد القانون الحالات التي تقيد فيها حرية المواطن ولا يجوز تقييد حرية احد ألا بحكم من محكمة مختصة)

وهذا بصريح النص اقرار الدستور اليمني التي كفل وتكفل بأهمية حرمة الحياة الخاصة للإنسان والمحافظة عليها من أي يد تعبث بها فيندرج ضمن الحرية الشخصية للإنسان حقه في التمتع بحياة خالية من أي تدخل خارجي يمس كيانها الذاتي بما فيها الحق في صورته الشخصية او أي شيء متعلق بملكيته وكينونته بيته سيارته حديقته أي كل ما يتعلق بملكيته الداخلية وكذلك الخارجية التي لا يسمح بالتعدي عليها وهذا ما نادت واكدت عليها الشرائع السماوية والقوانين العربية والدولية والتي منحت المتضرر من ذلك الانتهاك الحق في التقدم للجهات المعنية المختصة القضائية.

وتجدر بنا الإشارة في هذا الصدد الى ما نصت عليه المادة(257)من ذات القانون الجرائم والعقوبات اليمني لسنة 1994م والتي نصت بقولها:{ يعاقب الحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بالغرامة كل من أذاع أو سهل إذاعة أو استعمل ولو في غير علانية تسجلا أو مسند متحصلا عليه بأحد الطرق المبينة بالمادة السابقة أو كان ذلك بغير رضاء صاحب الشأن، ……الخ}حيث وبين قانون العقوبات جريمة التهديد بالإذاعة  أو استعمال  المستندات والتسجيلات الخاصة التي تم التقاطها المتعلقة بالاعتداء على حرمة الحياة الخاصة ويندرج ضمن المنصوص في المادة السالفة الصور وتداولها استخدامها لتحقيق غرض ما بمعنى أن يتم أخذ الصورة وتوظيفها لغرض يسيء لصاحب الصورة قد يكون بهدف التشهير أو قد ربما الإبتزاز وما أكثرها.. ونكون بصدد جريمة مكتملة الأركان ويعاقب فاعلها الرئيسي بشكل مباشر “الجاني” او المساعد بشكل غير مباشر “من وصلته الصورة وقام بالتهديد و الإبتزاز” وقد يكون الجاني نفسه من التقط الصورة واساء استخدمها باي شكل من الأشكال حتى وان تم أخذ تلك الصورة في مكان عام وفي مناسبة أمام الجميع وتم اساءة استخدم الصورة بعد ذلك فهنا يعتبر الشخص مدان فمثلاً اذا ارد الشخص توثيق مخالفة ارتكبه من قبل موظف عام فقام بتصويره ونشرها على مواقع التواصل الإجتماعي بصرف النظر عن نيته حينها فكان من الاولى تقديم ذلك التوثيق للجهات المعنية فالتشهير بحد ذاته أدانه بحق مرتكبها أكبر واعظم من مجرد التقاط صورة كمخالفة للقوانين والتي ترقى الى جناية جمعت بين المخالفة بفعل التصوير وجناية بفعل التشهير. وفي حالة ما يكون الجاني هو نفسه من قام بالتسجيل أو  بالتصوير فإنه يسأل عن الجريمتين ويعاقب بالعقوبة الأشد تطبيقاً للقواعد العامة.

سؤال يطرح نفسه في هذه الصدد هل يعني ذلك أي شخص يصور مخالفة قانونية شاهدها أمامه ومن ثما ينشرها عبر مواقع التواصل الإجتماعي يعتبر مذنباً حسب المواد سالفة الذكر من قانون الجرائم والعقوبات اليمني؟؟!!

هنا لنا وقفة بعض الدول العربية لها تنظيم لعمليه التصوير شرع لها نصوص قانونية تحت مسمى “قانون الجرائم الإلكترونية والمعلوماتية” وهذا مالم نجده في القوانين اليمنية التي يشوبها الكثير من القصور وعدم مواكبة الثورة التكنولوجية التي يشهدها العالم ..فبالتالي التصوير بشكل عام مسموح جائز في الأماكن العامة الا ما كان هناك أماكن عامة علق فيها لوحات ارشادية بأنه يمنع التصوير فيها ويستوجب بنا التنويه بان المكان العام يختلف  الى حد ما من مجتمع لآخر فما هو معتبر مكان خاص في المجتمع اليمني قد لا يعتد به في دولة أخر حتى وان كانت عربية فالأمر يختلف.

ويحكم في جميع  الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم في  الجريمة كلا الجريمتين من الجرائم الشكلية التي يلزم لتحقق الركن المادي بتوافر عناصره الثلاثة النشاط  والنتيجة ورابطة السببية تتحقق رابطة السببية عندما يكون سلوك الجاني هو السبب في حدوث النتيجة الركن المعنوي في القصد الجنائي هو العلم و الارادة.

ويكفي بان يمكن شخص واحد منا اطلاع على المستند أو الصورة أو ان يسمعه الحديث أو المكالمة التلفونية التي تم تسجلها فحكم هذا الفعل حكم من قام علانية باطلاع عدد غير محدود من الناس على ذلك في مكان عام.

هل جرمت القوانين العربية فعل التصوير واعتبرت ذلك السلوك إجرامي يعاقب عليها وماهي الاسانيد التي استندت اليها في حالة اعتبر السلوك جريمة؟؟ ام جعلته سلوك مسموح دون أي قيود ترد عليه أو اعتبارات تأخذ بالحسان ؟؟! استفسارات مطروحة نحاول الوصول الى الجانب القانوني منها وما نص عليه لمعرفة الاجابة.. 

    هناك نقطة التقاء واتفاق بين اغلب قوانين الدول العربية من حيث عدم جواز التصوير في الأماكن الخاصة وما بين مؤيد ومعارض لجواز التصوير في المكان العام  ونعتقد كما اوضحنا مسبقاً بأن سبب الاختلاف في مفهوم المكان العام يعود الى طبيعة وعادات وتقاليد كل مجتمع وما يحكمه ..تباينت الآراء واختلفت بين اساتذة القانون حول مدى جواز التصوير في الأماكن العامة  مثل المطاعم والمستشفيات والاستناد الرياضي  مثلما حدث في واقعة تصوير الفنان المصري أحمد  العوضي مع زوجته الفنانة ياسمين عبد العزيز وكذلك الفنان المصري  يوسف الشريف وزوجته انجي علاء داخل احد المطاعم وظهر خلفهما زوجان تسببت في أذي نفسي لهما بعد أن تعرضا الى التنمر من قبل رواد مواقع التواصل الإجتماعي وما أكثرها..

  • مما لا شك فيه بان القانون والدستور المصري كفلا حرمة الحياة الخاصة للإفراد  وجرما التعدي عليها استنادا لروح  الشريعة  الاسلامية  التي حرم الله بها التجسس على الاشخاص أو التعدي على شان من شؤونهم سواء ان كانوا أشخاص عادية أو ذو مناصب فالقانون نص على عقوبات متعددة  لتسجيل المكالمات والتقاط الصور والفيديوهات لأشخاص دون علمهم لأن للحياة  الخاصة حرمة وهي مصونة لا يجب  المساس بها واشار لذلك الدستور والقانون وبالرجوع الى الدستور المصري التي نصت المادة (57) فيه على:{ على أن للحياة الخاصة حرمة وهي مصونة  لا تمس وللمراسلات  البريدية والبرقية والالكترونية والمحادثات  الهاتفية وغيرها من الوسائل الاتصال حرمة وسريتها مكفولة ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها الا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة وفي الأحوال التي يبينها القانون كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين في استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو وفقها او حرمان الموطنين منها بشكل تعسفي وينظم  القانون ذلك}

 أضف الى ذلك نص المادة(25) من قانون تقنية المعلومات المصري التي نصت واكدت على حرمة الحياة الخاصة واعتبرت أي اعتداء عليها يعد جريمة يعاقب عليها القانون بقولها:{ يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة أو بالغرامة أو بهاتين العقوبتين معاً كل من اعتدى على أي من المبادئ او القيم الاسرية في  المجتمع المصري او انتهك حرمة الحياة الخاصة او ارسل بكثافة العديد من الرسائل الاليكترونية لشخص معين دون موافقته أو منح بيانات  الى نظام او موقع الكتروني لترويج السلع او الخدمات دون موافقة او بالقيام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية او بإحدى وسائل تقنية المعلومات لمعلومات او اخبار او صور وما في حكمها تنتهك  خصوصية أي شخص دون رضاه سواء المعلومات المنشورة صحيحة ام غير صحيحة}  ومن هنا يتضح لنا جلياً  تصدي القانون  لمثل هذه الوقائع التي من شأنها الأضرار بسمعة الأسر والأهالي فضلا عن الأشخاص .

 وجدير بالذكر والملاحظة بأن الشرع المصري نص على ظروف مشددة للعقوبة المنصوص عليها وهذا ما أخذ به أيضاً المشرع اليمني في حالة ارتكب الموظف العام لتلك الجريمة فيتم ايقاع العقوبة الاشد كحد أقصى فإذا وقعت أي جريمة من  الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون المذكور اعلاه بغرض الاخلال بالنظام العام او تعرض سلامة  المجتمع وامنه للخطر، او الأضرار بالأمن القومي للبلاد او بمركزها الاقتصادي او بمركزها او منع او عرقلة ممارسة السلطات العامة لأعمالها ، او تعطيل احكام الدستور او القوانين او اللوائح او الاضرار بالوحدة الوطنية و السلام الاجتماعي تكون العقوبة السجن المشدد. 

قانون الجرائم والعقوبات المصري أكد وكفل ايضاً حق الحفاظ على حرمة الحياه الخاصة ومنع الإعتداء عليها أو انتهاكها بأي شكل من الإشكال ، حيث نصت المادة (309 )مكرر من قانون العقوبات المصري على أن: {يعاقب بالحبس مده لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياه الخاصة للمواطن، وذلك بان ارتكب احد الافعال الاتية في غير الاحوال المصرح بها قانونا رضاء المجني عليه”. والحالات التي نص عليها قانون العقوبات كالتالي:

  1. استراق السمع او تسجيل او نقل عن طريق جهاز من الاجهزة ايا كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص او عن طريق التلفون.
  2. 2.      التقاط الصور او نقل بجهاز من الاجهزة أيا كان  نوعه صورة شخص في مكان خاص.

وتلك الافعال المشار اليها في الفقرتين السابقتين في حال صدورها في اجتماع على سمع او مرأى من الحاضرين في ذلك الاجتماع ، فان رضاء هؤلاء يكون مفترضا، ويعاقب بالحبس الموظف العام الذي يرتكب احد الافعال المبنية بهذه المادة اعتمادا على سلطة وظيفته، وفي جميع الاحوال يحكم بمصادرة الاجهزة وغيرها، مما يكون قد استخدم الجريمة او تحصل عليه، كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة او اعدامها ولا مناص من القول بأن المشرع اليمني نهج واخذ بنهج المشرع المصري .

 فكان لابد بنا  من المرور على قانون الصحافة والإعلام المصري وحيث نظم  قانون الصحافة والاعلام و المجلس الاعلى لتنظيم الاعلام المعدل، على مواد جرمت ذلك في نص المادة (20) من قانون الصحافة والأعلام المصري لسنة 2018م بنصها :{يحظر في اية وسيلة من وسائل النشر او البث، التعرض للحياة الخاصة للمواطنين او المشتغلين بالعمل العام، او ذوي الصفة النيابية العامة، او المكلفين بخدمة عامة، الا فيما هو وثيق الصلة بأعمالهم وان يكون التعرض مستهدفا المصلحة العامة}. يتضح جلياً بان الشرع المصري لم يجعل ذلك الحق الممنوح للصحفي او المصور مطلق الحرية ولكن اورد قيود على ذلك الحق واشترط له شروط فمثلاً لابد من حصول المصور على ترخيص يسمح له بعملية التصوير بمعنى حتى المصور من الضروري أن يأخذ الاذن ممن يراد تصويره وأن خالف ذلك يتم مقاضاته بالحق الخاص{التعويض} وكذلك مقاضاة الصحيفة التي يعمل لديها { بالحق العام}

يصرح الدكتور/ محمود البدوي المحامي بالنقض والخبير القانوني ـ رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان يقول : يجب ان نؤكد ان التقاط صورة في مكان عام لا جريمة فيه حيث ان المادة (309)مكرر من قانون الجرائم و العقوبات المصري تجرم التقاط صورة لشخص في مكان خاص فقط وبمفهوم المخالفة  للنص يتضح انه لا عقاب للتصوير في مكان عام وفي مثل هذه الاشكالية يجب الاجابة على السؤال هل المطعم او الاستاد الرياضي او المستشفى او غيرها علماً بان القانون لم يعرف المكان العام ولم يحدد ماهي الأماكن العامة وعرف الفقهاء بان المكان يكون عاماً  في ثلاث صور الاولى ان يكون عام بطبيعته مثل الطريق العام او عاما بالتخصيص مثل المساجد  الكنائس وهي اماكن عامة تقفل في بعض الاوقات ابوابها امام المواطنين  واخيرا عاما بالمصادفة كالمطاعم والمحال التجارية  

في تصوري  الشخصي حسب قول البدوي “

فان التقدير النهائي لكون المكان عاما أو خاص يخضع لقرار القاضي ان المطعم او المستشفى مكان عام يسمح فيه بالتقاط الصور دون اخد اذن  كما ان تصوير الضحايا من  جانب أي شخص  يعتبر جريمة يجب معاقبته عليها ولا يجوز  قانونا ولا شرعا  ولا اخلاقيا وتعتبر جزءا من انهيار الاخلاق في المجتمع  المصري وانها من الجرائم المستجدة على المجتمع خاصة بعد انتشار الموبايلات وبعض التقنيات الحديثة مشيرا الي ان التصوير يعتبر من ادوات النشر حيث ان القائم بالتصوير يعاقب بالعقوبة المقررة في  القوانين منها السب القذف وهتك العرض والتعرض للأذى  كما ان القانون لا يفرق بين ما اذا  كان الضحية ميتا اوحيا فالعقوبة واحدة وحتى حامل هذه الصور او الفيديوهات تتم معاقبته لما لذلك من امتهان لكرامة الميت او المصاب ووصف القائم بالتصوير بالمجرم القائم بشيء غير محترم لما يقوم به من اعتداء على الخصوصية ومطالبة بعرفته انه اذا حدث تعارض بين حرمة الميت وأي اعتبارات اخرى فلابد من اختيار حرمة الموتى لمالها من قدر وقدسية فليس من حق احد ان ينشر صور لأي  شخص الا بعد الرجوع لاذنه سواء كان الشخص سليما او مصابا او حتى متوفيا وان يراعى استخدامها في الغرض الذي تم ابلاغه به انه في حالة غياب الوعي او الوفاة  لابد من اخذ موافقة من محاميه او اقاربه او من يمثله قانونا ان التصوير دون اذن لا يشرط ان يكون مسيئا ” حد قوله ومن الظاهر بأن القوانين لا تعتد بالنوايا ولم تحدد ما هو المكان العام ومعاييره .

  • اما في المغرب العربي من اجل حماية  الحياة الخاصة ووفقا لمنشور رئيس النيابة العامة محمد عبدالنباوي وكيل النيابة للملك  لسنة 2018م وجه تعليمات للمحامي العام الأول لدى محكمة النقض والوكلاء العامين للملك وغيرهم من جل التطبيق الصارم للمساطر القانونية والقضائية بخصوص الحماية الخاصة للمغاربة وتشمل حماية الحياة الخاصة وفقاً لذلك المنشور رئيس النيابة العامة،{ منع  التقاط او تسجيل او توزيع اقوال او معلومات  صادرة بشكل خاص او سري دون موافقة اصحابها كما يشدد الاجراء على منع تثبيت او تسجل او بث توزيع صورة شخص اثناء وجوده في مكان خاص دون موفقته }

واشارت الوثيقة  الى انه لقيام اركان هذه الجريمة يقتضي استجماع العناصر التالية/

اولا :استعمال أي وسيلة من الوسائل تمكن من تثبيت الصور او تسجيلها او توزيعها ويدخل في حكمها الآت التصوير الفوتوغرافية او الهواتف او الحواسيب ..الخ

ثانيا: تواجد الشخص المعني بالصورة في مكان خاص والذي يشمل كل مكان غير مفتوح ولا يمكن ولوجه الا بأذن او موفقة من يشغله.

يدخل ضمن الحياة الخاصة ايضا بث او  توزيع تركيبة مكونة من اقوال شخص او صورته او بث او توزيع ادعاءات او قائع كاذبة من خلال توزيع شريط فيديو او شريط صوتي دون موافقة صاحبه كما تصل عقوبات انتهاك الحياة الخاصة للأشخاص  الى ثلاث سنوات حبساً وقد تصل الى خمس سنوات تشديداً للعقوبة بناءً لنص المواد{3ـ 447} من القانون الجنائي المغربي وغرامة تقدر من {5000ـ 50.000} درهم   بغض النظر عن جنس الفاعلين او الضحايا وكيفما كانت الوسائل المستعملة ( أداة الجريمة ) في الاعتداء كالهاتف او الات التسجيل السمعي او البصري او الانظمة المعلوماتية او أي اداة اخرى. اعتقد بأن المشرع المغربي كان أكثر وضوحاً من غيره من حيث المفهوم العام للحياة الخاصة وكيفية التعدي عليها  بيان الوسائل وتحديدها .

أما بخصوص موقف المشرع المغربي فأنه لم يخرج علة القاعدة السابقة ونص عليها في الفصل (1ـ447)من القانون الجنائي المغربي على انه{ يعاقب بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات وغرامة من 2.000 الى 20.000 درهم، كل من قام عمداُ أو بأي وسيلة ، بتثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص ودون موافقته}

هكذا يتبن لنا أن نطاق الحماية الجنائية المكفولة للحق في الصورة لا يتعدى المكان الخاص دون أن يشمل المكان العام ويبرر أصحاب هذا التوجه أن الإنسان يشكل جزءا من المجتمع وينصهر فيه ويكمل منظره المادي المألوف من أزقة وعمارات ومارة اعتبر المكان الخاص هو مناط الحق في الصورة ويختلف ذلك المكان من مجتمع لآخر حيث معظم التشريعات جعلت الحق في الحماية على صورته مقروناً بالمكان الخاص فحسب دون أن يحدد وضع المجني عليه ونحنا لا نتفق مع هذا الرأي كونه مخالف للفطرة الإنسانية السوية وهي الشعور بالكيان الذاتي المحمي .

 لذا كان من الاجدر توسيع دائرة الحماية المقررة للصورة متى كانت تكتسي طابع الخصوصية بغض النظرعن طبيعة المكان   ..

# يتبن لنا بأن معظم التشريعات الجنائية لم تنص على تجريم فعل التصوير في مكان العام واعتبرته فعلا مباحا ومشروعا لا يترتب عليه اية مسؤولية جنائية وهو المنحى الذي سلكه المشرع  اليمني واغلب القوانين العربية ولكن اضافة بعض القيود عليه كما اوضحناها .

  • وكذلك المشرع الاماراتي قد اهتم الدستور بالحقوق والحريات الشخصية والفكرية التي تتصل بشخص الانسان وبفكره فهي حقوق اصلية للإنسان سواء من حيث شخصية الانسان وما يلازمها من حريات اخرى وهذا ما ذكرته  في نص المادة(31)من الدستور الإماراتي التي اقرت وامنحت الحماية القانونية على حرية المراسلات والبريدية والبرقية وغيرها من وسائل الاتصال وسريتها .  

ولأهمية حماية الحياة الخاصة  سن المشرع الإماراتي نصوص تحمي الحياة الخاصة وذلك بتجريمه لعدة صور من حالات انتهاك الحياة الخاصة في المواد من (378 -38 )من قانون الجرائم و العقوبات الاتحادي رقم(3)لسنة1985م وتعديلاته فقد نصت المادة(378)بقولها:{ يعاقب بالحبس والغرامة كل من اعتدى على حرمة 1-اذاعة او نشر او تسجل لمضمون رسالة اتصالات او لجزء منها دون ان يكون له سند في ذلك 2-اخفاء او تغير او اعاقة او تحوير اية رسالة اتصالات او لجزء منها تكون قد وصلت اليه  3-الامتناع عمدا عن ارسال رسالة}

   وقد تطرق المشرع  الإماراتي ايضاً لحرمة الحياة الخاصة من قانون المعاملات المدنية رقم(5) لسنه 1985م في المادة( 90)والتي جاء بها{ لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق الملازمة لشخصيته يعاقب بالحبس والغرامة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للأفراد  او العائلية ارتكب احد الافعال الاتية في غير الاحوال المصرح بها قانوناً او بغير رضاء المجني عليه ومنها \التقط او نقل بجهاز أيا كان نوعه صورة شخص في مكان خاص…الخ )  

  • وفي القانون السعودي يعد  التصوير العادي عن طريق الجوالات المحمولة التي تتوافر فيه الكاميرا

الان  او من خلال كاميرا الفوتوغرافية من هوايات الكثير من الافراد ويرجع ذلك لتخليد الاوقات الممتعة او لمشاركتها مع  الاخرين من خلال حساباتهم  على مواقع  التواصل  الإجتماعي   ويعد ذلك من الاستخدامات  الطبيعية للصور  حيث يقوم الأفراد بتوثيق انفسهم  من خلال طريقة السيلفي  او ان  يقوم شخص اخر عقب اذن منهم بتصويرهم او من خلال  جلسات التصوير العفوي  بدون اذن  ولكن ما يعتبر  غير طبيعي هو تصوير الأفراد  بدون الحصول على اذن  عادي ومباشر منهم ويحدث ذلك من خلال عدد من الافراد  المتلصصين  الذين  يقوموا بتوثيق الافراد  والتعدي  على خصوصياتهم  ويرجع ذلك لا سباب مختلفة منها الرغبة في ابتزاز  شخص ما ومقايضته بتلك  الصور او نشرها و وبيعها  على عدد من المواقع الالكترونية  او بداعي الشخصية وتعد تلك الاشكال انتهاكات لحقوق  الغير.

وان القانون السعودي  حدد قانونآ يرصد عملية التصوير  وتتمثل (معاقبة القانون في دفع غرامة

 مالية تقدر بنحو نصف مليون ريال سعودي 500 الف ريال سعودي بالإضافة إلى السجن  نحو عام) و يرجع السبب في البيان بتلك العقوبة الرادعة هي عدم المساس بسمعة الاشخاص و المبادئ  الدينية والاجتماعية التي نشأعليها الشعب السعودي وقالت اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الصادر بالقانون رقم(180)لسنة 2018،((انه لا يجوز اجراء أي تسجيل  أو تصوير  أو  لقاءات  في الأماكن العامة بهدف عرضها علي الوسيلة الإعلامية الا بعد استخراج التصريح اللازم لذلك من المجلس الأعلى ويحدد المجلس ضوابط وإجراءات وشروط منح التصريح ))

          * ويتضح ان دول الخليج العربي اكثر الدول التي  فيها جرائم التصوير بعد تطور التكنولوجيا

              مثل حادثة  تصوير الفنانين والممثلين في الوسط الفني اشاعه  زواج  بين الممثله البحرينيه   

                ليالي بعد تصورها اغنية (غن) مع الفنان فؤاد عبد الوحد وغيرهم.

  • على وجه السرعة بالرأي القانوني القطري هل نص على ذلك الفعل وجرمه في قوانينه؟

 استناداً لنص المادة (331) من قانون الجرائم والعقوبات القطري رقم (11) لسنة 2004م { يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنه  بالغرامة التي لا تزيد على

  • على وجهه السرعة بالرأي القانوني القطري هل نص على ذلك الفعل وجرمه في قوانينه؟

 استناداً لنص المادة (331) من قانون الجرائم والعقوبات القطري رقم (11) لسنة 2004م { يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنه  بالغرامة التي لا تزيد على خمسة الاف ريال او احدى  هاتين العقوبتين كل من نشر بإحدى طرق العلانية اخبارا او صورا او تعليقات تتصل  بأسرار الحياة الخاصة او العائلية للأفراد ولو كانت صحيحة }

بصرف النظر عن مقدار العقوبات التي  تتراوح بين حد اقصى وادنى من قانون الى أخر فمن الملاحظ نقطة الاشتراك كركيزة اساسية لجميع القوانين العربية التي تجرم السلوك وتعتبره انتهاك وتعدي للحياة الإنسانية المقدسة التي ما جاءت الدساتير وشرعت تلك القوانين الا لحمياتها من أي اعتداء .

  • ومن منطلق أخر بعيداً عن القوانين العربية نتجه الى القانون الدولي هل اقر وصرح بذلك الحق للأفراد بحماية الحياة الخاصة ومنها حق الشخص بصورته التي لا تأخذ الا بإذنه وما يندرج تحتها من حقوق اما انه جعله حق مستباح للجميع دون قيد ؟ هل اعطى حماية قانونية لذلك ؟

بالرجوع الى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10/ديسمبر/سنة1948م الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة ليضع تعريفاً يتضمن قائمة كاملة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية على المستوى العالمي سواء فيما يتعلق بالحريات الشخصية أو الحريات الإجتماعية من باب الحريات الشخصية نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة(3) على أن{لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه} أضف الى ذلك الى ما جاء به في المادة (12)التي تمنع التدخل التعسفي في الحياة الخاصة بقولها{لا يكون أحد موضعاً لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لهجمات تتناول شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الهجمات}  كذلك نص المادة(1){يولد جميع الناس أحرار متساوين في الكرامة والحقوق وقد و هبوا عقلا و ضميرا وعليهم أن يعامل بعضهم بعضا بروح الإخاء} 

وهكذا يتأكد لنا بأن المجتمع الدولي له دور فعال وجدي  في مجال حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية والذي يتمثل في صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي كفل تلك الحقوق وجرم أي اعتداء يمسها تحت أي مبرر ومنح حق اللجوء للجهات القانونية في حال التدخل او التعسف في حقه بأي شكل من الأشكال، حرية الشخص في ان يعيش حياته بسلام دون أي تدخل خارجي ينغص حياته ويهدد امنه واستقراره فمن حقه المحافظة على كيانه الداخلي النفسي وكذلك الخارجي وكل ما يتعلق بكينونته .فتلك القوانين والمواثيق ما جاءت الا لحماية حقوق الإنسان وحمياتها في كمحور اساسي صلب لنا تقوم الا به وعليه تكون فان لم يكن هناك قانون فعال يردع كل من يفكر في اختراق أو انتهاك حياة الأخرين ستصبح حياة الغاب ..نار لا تحرق نار لا تضئ .

قمنا بالتواصل مع الدكتور/ خالد الكميم ـ دكتور قانون دولي عام ـ جامعة صنعاء وطرحنا عليه استفسارنا حول التصوير ومدى قانونيته في القانون الدولي ؟

حيت افادنا بانه لا يوجد نص قانوني خاص في القانون الدولي العام والخاص يجرم هذا الفعل ولكن يوجد مواد في الإعلان العالمي الحقوق الأنسان وهذا ما ذهبنا اليه في المذكور اعلاه.

وهذا يتضح لنا بان الإعلان العالمي لحقوق الانسان في هذه المواد قد جرم كل شخص يقوم بانتهاك حرمة  الأشخاص أو الحاق الأذى بهم سواء كان بتصوير أو تسجيل أو أي اعتداء لان كل شخص حر بحياته الخاصة سواء كان بمفردة او مع أسرته وفي المجتمع الذي يعيش فيه فبالتالي  كل من يقوم بانتهاك حرمة الأشخاص بالتدخل التعسفي  او الهجوم بأي شكل وتحت أي مبرر  يعتبر قام بجريمة جنائية يعاقب عليه القانون

  • قد يثار تساؤل هنا هل يجب استئذان أو إعلان من يراد تصويره؟

لا يخفى عليكم بان انتشار وسائل التصوير الدقيقة والسرية على نطاق واسع جعلت الشخص متخوف ومتحفظ في نفس الوقت على حياته الخاصة  فمن حق الشخص المحافظة على ابسط حقوقه وهي  صورته نظرا لما أصبحت تمثل هذه الوسائل من انتهاك لحق الشخص في حياته الخاصة بالتقاط صور له ونشرها دون اذنه أو حتى دون علمه، وفي بعض الأحيان ولأغراض غير أخلاقية، يتم أجراء تعديلات على صورة الشخص بما يجعله محل استهجان أو بغض أو كرهيه من حوله من افراد المجتمع، دون وجود مساءلة قانونية أو تشريع جنائي يحمى هذا الحق بشكل مباشر. كثرة وقوع جرائم انتهاك الحق في الصورة فعلى سبيل المثال نجد على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لأشخاص في حالات لا يرغبون أن يراهم فيها أحد كحياة الشخص الزوجية والأسرية أو حياته داخل مسكنه أو حالته الصحية، أو صورة المتوفي بالنسبة لأسرته، والمشكلة تقتضي معرفة ما هو موجود ومتوافر من نصوص تشريعية مباشرة لحماية حق الشخص وخلفه في الصورة وما يعلن منها وما هو غير جائز اذاعته ومن هنا يتبن غاية المشرع من تجريم الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة لما فيها من سرية وتنظيم لحياته الشخصية وحفاظاً عليها دون  أي تدخل خارجي يفسدها وإذا لم يتدخل المشرع ويضفي عليها الحماية فستتعرض حياة الناس الخاصة للانتهاك، وستصبح محط اطلاع من يحوزون هذه الاجهزة مما يهدد تقاليد وقيم المجتمع ناهيك عن عدم الاستقرار والشعور بعدم الثقة والامن والأمان لدى الأنسان وهي من أعظم الحقوق وابسطها التي كفلتها الدساتير العربية والدولية فمن البديهي بل الطبيعي ان تقوم بإشعار من تريد تصوريه من باب القيم الأخلاقية والذوق العام ومن الناحية القانونية يستوجب عليك ذلك ولا تعرضت للمساءلة القانونية ولا نفعل المكان هل هو خاص أم عام وهل من يقوم بالتصوير شخص عادي ام مصور حاصل على ترخيص بذلك وغيرها من الاعتبارات التي ترد في هذا السياق وتختلف من مجتمع لأخر

  • لكي تكتمل الصورة فكان لابد من اعطاء لمحة عن بعض الأماكن العامة لدى بعض الدول التي تمنع التصوير وتجرمه ولها اسبابها في ذلك ومنها :

وهذه من بعض أشهر أماكن في العالم يحظر فيها التصوير:

1_الجزائر المجتمع المحافظ هذا يمنع تصوير الرجال الا بموافقتهم خاصه في جنوب البلاد، أما النساء فلا يمكن التقاط صور لهن الا بمواقفه أزواجهن أو ابائهن . كما يمنع باتاً تصوير الجسور والسدود في بلاد المليون ونصف شهيد.

2_أما في الإمارات العربية المتحدة الأمر يذهب أبعد من ذلك بتهديد المصور أن يكون حذراً وهو يلتقط صوراً في الأماكن التي يزورها إذ تحظر القوانين المحلية استخدام  الآت التصوير في العديد من المواقع والجسور والمباني الحكومية .وقد تصل عقوبة التصوير في هذه الأماكن  المحلية الى السجن مدة تمتد بين شهر وثلاثة شهور وغرامة الف و163$.

3_بعيداً عن الدول العربية…في الولايات المتحدة يستحب أن يحصل عاشق التصوير على إذن بذلك من مالك العقار أذ تحظر قوانين هذه البلاد التقاط صور الممتلكات الخاصة دون موافقة مالكها..

4/في إنجلترا بإمكان السياح التصوير في معظم الأماكن التي يزورونها على امتداد تراب المملكة، غير أنه يجب الحصول على تفويض خاص من أجل التصوير التجاري وكمثال على ذلك يمنع تصوير ساحه(ترافلغار)وكذا مساحة البرلمان دون إذن خاص من عمدة لندن بذلك.

5/في أوروبا دائماً.. لكن في هولندا يمنع التصوير في منطقه(ريد لايت)في العاصمة أمستردام التي تتميز فيها العديد من القنوات الرائعة والمقاهي وأماكن الترفيه لكن هذه المنطقة لا تحظى بسمعه بسبب الأعمال المنافية للأخلاق التي تكون مسرحاً للعدوان الجنسي ويعاقب عليه القانون بغرامه قدرها 01ملايين ون أي 81آلاف و008$ إضافة إلى سجن لمدة تصل إلى 5/ سنوات. لها لهذا تحظر القوانين المحلية التصوير فيها

6/وفي كوريا الشمالية على الزائر أن يحذر من عواقب الإخلال بالقيود التي تفرضها على سلوكه ،ففي هذه البلاد المنغلق يسمح لك بمغادرة الفندق بدون مرشد سياحي كما لا يمكنك  التقاط الصور بدون إذن من المرشد السياحي.

7/في القارة الآسيوية ..وفي اليابان بالتحديد لا يسمح بتصوير بعض المعابد والتماثيل، لأن ذلك يؤدي حسب المعتقدات المحلية إلى إزعاج الأرواح.

  • اضرار التصوير بدون علم الشخص:-

لاريب ان هناك العديد من الاضرار يتعرض لها الشخص من دون ان يعلم فيه وهي كالتالي : ـ

ـ وقوع مشكلة تضر سمعة من جرى تصويره بداعي تصويره في وضع مخل او فاضح

ـ تصوير خصوصيات عمل او  اتفاقيات لا  يحب ان يعرف بها أي افراد عاديين.

ـ وقوع التسجيل والتصوير للفيديوهات التي تتواجد في اماكن غير مشروعة.

ـ انتهاك حرمة الغير وتصوير في موقع عام ومن عقب ذلك ارجاع نشرها

ـ تصوير في اماكن لا يجب التصوير فيها مما يتوعد سمعة الغير مثل التصوير

في الفنادق او التصوير في المستشفيات  او متاجر بيع  الملابس.

                 ولا ريب ان تلك المخالفات لحقوق الغير تسبب وقوع تلف نفسي بالإضافة  الى ان المجتمعات العربية بطبيعتها  لا تحترم فكرة ان الشخص لم يكون على علم بتوثيقه مما يصنع ازمات كثيرة والتنمر بنحو غير طبيعي ولا ريب ان كل تلك الامور تتسب في تدمير نفسية الكثير من الافراد والمجتمع  ولذلك جري التعامل مع المخالفات  على انها جريمة يحاسب عليها القانون.

  • ما هو التكييف القانوني لهذه الظاهرة المستجدة من منظور المشرع اليمني وبعض القوانين العربية الاخرى

بناءً على نص المادة”256″ من قانون الجرائم والعقوبات اليمني فعقوبة جريمة الإعتداء على الحياة الخاصة بصورتها البسيطة الحبس { مدة سنة أو الغرامة} فهنا قد تكون مخالفة أو جنحة وقد يتم الجمع بينهما وقد ترقى الى جريمة جنائية في ظرفها المشدد في حال ارتكبه من قبل موظف عام وهي {الحبس لمدة ثلاث سنوات} قد منح المشرع السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ومن خلالها يملك القاضي تحديد أي من العقوبتين يرى توقعيها على الجاني هل الحبس بحده الادنى”24ساعة” ام لمدة سنة كحدها الاقصى أو عقوبة الغرامة…

اما بالنسبة لمصادرة ومحو وإعدام الأجهزة وغيرها هنا تعتبر عقوبة تكميلية وجوبية يجب أن ينص الحكم عليها وتتمثل في مصادرة الأدوات والوسائل التي استخدمت في استراق السمع أو في تسجيل المحادثات، أو في التقاط الصور أو نقلها سواءً استخدمت بصورة مباشرة أو غير مباشرة .

وهذا ما نهج عليه اغلب القوانين العربية في وضع الحد الادنى والاقصى للعقوبة التي تتراوح ما بين الحبس والغرامة وأن اختلفت مقدارها من قانون لآخر  والمصادرة كعقوبة تكميلية وتم تكييفها ما بين( مخالفة جنحة جناية) تاركاُ ايضا سلطة تقديرية لقاضي الموضوع في ذلك الموضوع.

  • الرأي القانوني حيال هذه الظاهرة المستجدة وما توصلنا اليه من خلال هذه الدراسة القانونية المؤجزة  بناءً واستناداً لما سبق بيانه وايضاحه نستدل على الآتي:ـ

بقدر ما افادت ثورة الاعلام والاتصال الانسانية وساهمت  في رفاهيتها وارتقائها بقدر ما اضرت بها وشكلت خطرا عليها حيث اصبح الانسان اليوم اكثر تهديدا في ادق امور حياته اليومية وانشطته  المعتادة  نتيجة الانتشار الواسع للوسائل  التكنولوجية ذات الجودة والدقة العاليتين والتي بفضلها اضحى التقاط صور الغير من مسافة بعيدة وفي امكنة مختلفة امرا متاحا لمستعمليها ..وان للحياة الإنسانية حرمة مقدسة وهذا ما جاءت به الشرائع والاديان السماوية والمواثيق الدولية ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10/ديسمبر/1948م الذي كفل تلك الحقوق وتكفل بها وسنت القوانين ونصت عليه وبقوة فما جاءت الا لحمية الحياة الإنسانية والمحافظة عليها من يد العابثين جاءت تحافظ عليها على ذلك الحق الجوهري المقدس وتحميه .

ـ كما ذكرنا في صلب دراستنا بأن المكان الخاص لا خلاف عليه وهناك نقطة التقاء اتفاق بين اغلب الدول بما فيهم اليمن الى حد ما ولكن تباينت وجهات النظر واختلفت حول مفهوم المكان العام بطبعه وماهي معاييره والتي لم ينص عليها القانون  لم يعرف المكان العام ولم يحدد ماهي الأماكن العامة وعرف الفقهاء بان المكان يكون عاماً  في ثلاث صور الاولى ان يكون عام بطبيعته مثل الطريق العام او عاما بالتخصيص مثل المساجد  الكنائس وهي اماكن عامة تقفل في بعض الأوقات ابوبها أمام المواطنين واخيراً عاماً كالمطاعم والمحال التجارية.           

ـ ومن الجدير بالملاحظة لم تنص معظم التشريعات الجنائية والقوانين العربية التي استندنا اليه في هذا الدراسة  على تجريم فعل التصوير في المكان العام واعتبرته فعلا مباحا ومشروعا لا يترتب عليه اية مسؤولية جنائية وهو المنحى الذي سلكه المشرع  اليمني في المادة”256″ من قانون الجرائم والعقوبات وكذلك المادة” 309″ من القانون الجنائي المصري بصرف النظر عن بعض القيود التي ترد على بعض الأماكن ذات الخصوصية السياسية ، تراثية وما الى ذلك . 

ـ ولا ريبة ان تلك الانتهاكات والاعتداءات التي اعتبرت مخالفات في المقام الأول في أغلب القوانين العربية  قد تصل الى جنحة او حتى جناية الأمر يختلف ويعود لقاضي الموضوع لما له من سلطة تقديرية في ذلك  لحقوق الغير تسبب وقوع تلف نفسي  بالإضافة الى ان المجتمعات العربية بطبيعتها لا تحترم فكرة ان الشخص لم يكون على علم بتوثيقه مما يصنع ازمات كثيرة والتنمر بنحو غير طبيعي ولا ريبة ان كل تلك الامور تتسب في تدمير نفسي للشخص المجنى علية والمجتمع ككل لما فيه تهديد للاستقرار واخلال بالعلاقات الإجتماعية من خلال التشهير و الإبتزاز التي قد يتعرض لها الأفراد في المجتمع  ولذلك جري التعامل مع المخالفات على انها جريمة يحاسب القانون مرتكبها

توصية قانونية/

يتعين خلق آليات قانونية جادة وفعالة من أجل التصدي لكل ما من شأنه أن يستهدف هذا الحق المقدس ويجهز عليه وذلك من خلال سن نصوص جنائية ومدنية قادرة على احتواء هذا الحق بعيدة عن الركود الذي اعتره كما يجب أيضاً تفعيل اجهزة القضاء والرقابة للتطبيق السليم والأمثل للقوانين ولابد من مواكبة المضمار بما يتناسب وحجم التطور التي يشهدها عالم الصورة في عالمنا اليوم ..

ملحوظة/

كانت المراجع والمصدر الوحيد  التي تم الرجوع اليه في القوانين العربية “الانترنت”

تم أعداد هذه الدراسة لدى /

مكتب المحاميان جمال وفضل محمد الجعبي للمحاماة والاستشارات القانونية

                             تحت إشراف الأستاذ المحامي/ فضل الجعبي

قام بهذه الدراسة المحاميين تحت التمرين :ـ

  1. محمد عبدالرازق القطابري
  2. أمة الاله علي القرشي
  3. لمياء علي الحوري
  4. عائشة راوح الصلوي
  5. حنان عبدالسلام الحقب
  6. أسماء عبدالرؤوف العبسي