تتناول اتفاقية التنوع الحيوي الاختلافات الجينية لكافة أنواع النباتات والحيوانات والكائنات الدقيقة وكذا النظم البيئية التي مواطن لها،وت

اتفاقية التنوع البيولوجي بوصفها الصك الدولي الرئيس للتنمية المستدامة

اتفاقية التنوع البيولوجي هي الصك القانوني الدولي الذي يهدف إلى صون التنوع البيولوجي، وضمان الاستخدام المستدام لمكوناته والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية فيه. وصدقت 196 دولة الاتفاقية.

والهدفه العام للاتفاقية هو تشجيع الإجراءات التي من شأنها أن تؤدي إلى مستقبل مستدام.

وصون التنوع البيولوجي هو شاغل مشترك للبشرية جمعاء. ولذا تشتمل اتفاقية التنوع البيولوجي التنوع البيولوجي على جميع المستويات: النظم الإيكولوجية والأنواع والموارد الوراثية. وهي إلى ذلك تشتمل على التِقَانَة الحيوية، من خلال ما نص عليه بروتوكول قرطاجنة للسلامة الأحيائية. بل هي في الواقع تشمل جميع المجالات الممكنة التي ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بالتنوع البيولوجي ودوره في التنمية، بدءًا من العلوم والسياسة والتعليم وانتهاء بالزراعة وبالأعمال التجارية وبالثقافة وكثير غيرها.

والهيئة الإدارية لاتفاقية التنوع البيولوجي هي مؤتمر الأطراف. وتجتمع هذه السلطة العليا المكونة من الحكومات (أو الأطراف) التي صدقت الاتفاقية كل عامين لمراجعة التقدم وتحديد الأولويات والالتزام بخطط العمل.

ويقع مقر أمانة اتفاقية التنوع البيولوجي في مدينة مونتريال الكندية. وتتمثل وظيفتها الرئيسية في مساعدة الحكومات في تنفيذ اتفاقية التنوع البيولوجي وبرامج عملها، وتنظيم الاجتماعات، وصياغة الوثائق، والتنسيق مع المنظمات الدولية الأخرى وجمع المعلومات ونشرها. ويُعتبر الأمين التنفيذي هو رئيس الأمانة.

لمحة تأريخية

تضطلع الموارد البيولوجية على الأرض بدور حيوي للتنمية البشرية الاجتماعية والاقتصادية. ونتيجة لذلك، هناك اعتراف متزايد بأن التنوع البيولوجي يشكل قيمة عالمية ضخمة للأجيال الحالية والمقبلة. وفي الوقت ذاته، بلغ التهديد الذي تواجهه الأنواع الحية والأنظمة الإيكولوجية حالياً درجات عالية غير مسبوقة. فانقراض الأنواع الذي تسببه الأنشطة البشرية متواصل بمعدل مقلق للغاية.

واستجابة لذلك، دعا برنامَج الأمم المتحدة للبيئة إلى إنشاء فريق الخبراء العامل المخصص للتنوع البيولوجي في تشرين الثاني/نوفمبر 1988 للبحث في إبرام اتفاقية دولية بشأن التنوع البيولوجي. وبعد ذلك بقليل، وتحديداً في أيار/مايو 1989، شكل البرنامَج فريق الخبراء العامل المخصص في الشؤون التقنية والقانونية لإعداد صك قانوني دَوْليّ لحفظ التنوع البيولوجي واستخدامه على نحو مستدام. وشدد الخبراء على ضرورة مراعاة الحاجة إلى ’’تقاسم الكلفة والمنافع بين البلدان المتطورة والنامية‘‘ فضلا عن إيجاد ’’الوسائل والسبل اللازمة لدعم المجتمع المحلي للابتكار‘‘.

وبحلول شباط/فبراير 1991، أصبح الفريق المخصص العامل معروفاً باسم لجنة التفاوض الحكومية الدولية. وتوج هذا الفريق ذروة أعماله في 22 أيار/مايو 1992 في مؤتمر نيروبي إبان اعتماد النص المتوافق عليه لاتفاقية التنوع البيولوجي.

وقد فُتح باب توقيع الاتفاقية في 5 حَزِيران/ يونيه 1992 في أثناء مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية (’’قمة الأرض‘‘ في ريو). وظل باب التوقيع مفتوحاً حتى 4 حَزِيران/يونيه 1993 حيث وضع حتى ذلك الوقت 168 توقيعاً. ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 29 ديسمبر/كانون الأول 1993، أي بعد تسعين يوماً من التصديق الثلاثين. وحُددت الجلسة الأولى لمؤتمر الأطراف في المدّة من 28 تشرين الثاني/نوفمبر إلى 9 كانون الأول/ديسمبر 1994 في جزائر البهاما.

إن اتفاقية التنوع البيولوجي مستلهمة من الالتزام المتزايد للمجتمع العالمي بالتنمية المستدامة. وقد شكلت خطوة نوعية في حفظ التنوع البيولوجي والاستخدام المستدام لمكوناته وعناصره، والمشاركة العادلة والمنصفة للمزايا الناجمة عن استغلال الموارد الجينية.

رمي الاتفاقية إلى  ضمان التوازن البيئي  بدرجة أولى من خلال حفظ  تنوعه الحيوي وتعد بذلك ً بوليصة تأمين الحياة على كوكب الأرض، لذلك وإدراكاً لأهمية التنوع الحيوي تم خلال مؤتمر قمة الأرض في ريودي جانيرو عام 1992م فتح باب التوقيع على الاتفاقية وخلال  عام من تاريخه بلغ عدد الدول الموقعة على الاتفاقية مائة وثمانية وستون دولة مما جعلها أكثر الاتفاقيات انتشاراً في العالم، وبموجب هذه الاتفاقية تتعهد الدول الموقعة عليها بتحقيق أهداف الاتفاقية الثلاثة وهي:

  1. صون التنوع الحيوي.
  2. الاستخدام المستدام للتنوع الحيوي.
  3. الشراكة العادلة لمنافع استغلال الموارد الجينية.

كما تتعهد الأطراف الموقعة على الاتفاقية على إعداد استراتيجية وخطة عمل وطنية للتنوع الحيوي تترجم أهداف الاتفاقية إلى إجراءات عمل تنفيذية وذلك بموجب نصوص موادها (6) و (26) فضلا عن تنفيذ كافة بنود الاتفاقية.

الجهود الوطنية لصون التنوع الحيوي والتنمية المستدامة:

وقعت اليمن اتفاقية التنوع الحيوي عام 1992م وذلك خلال فترة انعقاد قمة الأرض في ريو دي جانيرو بالبرازيل وفي عام 1995م صادقت الحكومة اليمنية عليها.

ويأتي توقيع الاتفاقية كتثمين من الحكومة اليمنية لأهمية موارد التنوع الحيوي، وكجزء مكمل لجهود إدارة الإرث الطبيعي للبلاد بما يمثله ذلك الإرث من منافع طويلة المدى للإنسان اليمني وكضرورة أساسية للتنمية الوطنية المستدامة. كما يعد توقيع الاتفاقية إعلان جاد وتعهد من الحكومة اليمنية على اتباع نهج الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية وصيانتها وممارسة مسؤولياتها في إطار ذلك النهج، كما يأتي توقيع الاتفاقية تعبير عن وعي وإدراك الحكومة بأن حياة الأجيال الحالية والقادمة يعتمد على وفرة الموارد البيولوجية وحمايتها.

إن اهتمام الحكومة بقضايا البيئة وحمايتها يعتبر حديثاً نسبياً حيث برز هذا الاهتمام مع إنشاء مجلس حماية البيئة عام 1990م وإعادة هيكليتها بمسمى والهيئة العامة لحماية البيئة وذلك تحت مضلة وزارة المياه والبيئة    عام 2001م، وتباعا عملت الحكومة على المصادقة على اتفاقية دولية عديدة مرتبطة بالتنوع الحيوي مثل اتفاقية مكافحة التصحر واتفاقية تغيير المناخ والاتفاقية الدولية بشأن الاتجار بأنواع النباتات والحيوانات المهددة بالانقراض، كما عملت على رسم وتنفيذ عدد من السياسات وخطط العمل المرتبطة بالتنوع الحيوي والتنمية المستدامة مثل الاستراتيجية الوطنية للمياه وسياسة مساقط المياه والخطة الوطنية لحماية البيئة والخطة الوطنية لمكافحة التصحر.

كما يأتي إعداد إستراتيجية وخطة العمل الوطنية للتنوع الحيوي كرديف مكملً للبرنامج الاستثماري للبيئة والتنمية المستدامة للأعوام 2003-2008 التي أعدته الهيئة العامة لحماية البيئة، إضافة إلى كونها مكملة للخطط التنموية القطاعية الجاري إعدادها حالياً.

لقد ساهم مرفق البيئة العالمي بالدعم المادي في عملية إعداد الاستراتيجية وبدوره قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (صنعاء) بإدارة المنحة وبالتنسيق مع الهيئة العامة لحماية البيئة، كما قدم الدعم الفني من قبل الاتحاد الدولي لصون الطبيعية إذ قدم الاتحاد دعم مستمر في تسهيل عمليات التخطيط من خلال البعثات الفنية ومن خلال تقديم النصح حول خطة العمل والتنظيم المؤسسي وإعداد مراجع مهام مجموعات العمل الوطنية والدولية، إضافة إلى المساعدة في صياغة وتحرير النسخة النهائية للاستراتيجية.

وقامت الهيئة العامة لحماية البيئة بالاستعانة بعدد من الخبراء المحليين الأكفاء من مختلف المؤسسات المعينة بالتنوع الحيوي ومن مختلف التخصصات كالأحياء النباتية والحيوانية والبيئة البحرية والمياه العذبة والقضايا الاجتماعية والاقتصادية والتشريعية إضافة إلى التنوع الزراعي الحيوي (الإنتاج النباتي والحيواني وإنتاج العسل) وذلك لجمع وتقييم المعلومات المتوفرة عن التنوع الحيوي في اليمن. وقد استند إلى تقارير مجموعات العمل الفنية كأساس علمي في بلورة الاستراتيجية.

لقد شكلت جهود مجموعات العمل الفنية كمرجعية لقاعدة البيانات والتقارير المتوفرة لدى الهيئة العامة لحماية البيئة، وبالرغم من أن الأولويات يمكن أن يعاد ترتيبها خلال تنفيذ الاستراتيجية إلا أنه من المهم وضع غايات وأهداف أولية للأنشطة والإجراءات المرجوة لتحقيق الأهداف العامة للاستراتيجية .. وفي هذا السياق فقد تم إعداد برنامج عمل لكل أهداف الاستراتيجية على حدى حيث تم تحديد أولويات الأهداف والإجراءات المقترحة على المدى القصير (1-3 سنوات) والمدى المتوسط (4-8 سنوات) والمدى الطويل (أكثر من 8 سنوات)، كما يقدم كل برنامج عمل على قائمة وبرنامج زمني للأنشطة التي يمكن تطبيقها.

كما تم وخلال مراحل إعداد الاستراتيجية تنظيم العديد من الأنشطة الاستشارية بين مختلف الجهات المعنية في ستة محافظات تمثل البلد واشتملت هذه الأنشطة استعراض القضايا والتشاور والمناقشات وتبادل المعلومات بين هذه الجهات المعنية بما فيهم المسؤولين في الجهات الحكومية وممثلي المنظمات غير الحكومية والأكاديمين ومراكز البحوث وكان لهذه الأنشطة دور هام في تعزيز الوعي والمعرفة العامة حول قضايا التنوع الحيوي إضافة إلى دعمها لتحقيق توافق بشأن محتويات الاستراتيجية.

إن الهيئة العامة لحماية البيئة ملتزمة وبمشاركة فعالة من قبل كافة الشركاء من الجهات الوطنية والأجهزة المعنية، وذلك في تنفيذ تام للاستراتيجية ورفع تقارير دورية للعامة وللأجهزة الحكومية المعنية والمنظمات الدولية ، لذلك فإن آلية تنفيذ الاستراتيجية تضمنت تشكيل مجلس إدارة  دائم ووحدة تنسيق وطنية لدى الهيئة العامة لحماية البيئة والتي تتولى القيام بالمهام التالية:

  • إعداد تقارير سنوية عن السياسات والأنشطة والخطط في سياق تنفيذ الاستراتيجية.
  • تنسيق عمليات تنفيذ المكونات الوطنية والدولية في الاستراتيجية,.
  • اقتراح إجراءات لتحفيز مشاركة القطاعات غير الحكومية في تنفيذ الاستراتيجية.
  • رفع تقارير دورية حول أوضاع التنوع الحيوي.
  • تحديث الاستراتيجية بعد فترة 5-7 سنوات من بدء التنفيذ.

كما يتطلب تشكيل مجموعات عمل غير دائمة للقيام بتحضير وتنفيذ مكونات الاستراتيجية المختلفة.

وضع التنوع الحيوي في اليمن:

الجمهورية اليمنية من أكثر الدول كثافة بالسكان في شبه الجزيرة العربية وبمعدل نمو سنوي يبلغ 3.5% ، وفي حالة بقاء معدل النمو على حاله فإن عدد السكان سيبلغ 37.844.000 نسمة بحلول عام 2026م، لذلك وما لم يتم إدراك العلاقة بين السكان والموارد والبيئة والتنمية على مختلف مستويات إتخاذ القرارات السياسية فإن الوضع مرشح أن يبقى على حاله فيما يخص النمو السكاني المتسارع والتوزيع السكاني غير المنظم.

في ظل النمو الاقتصادي المتسارع تشهد البيئة تدهور نوعياً مما أدى إلى بروز مشكلات بيئية التي بدورها أثرت على مكاسب النمو الاقتصادي ناهيك من أنها تفاقم بعض العوامل مثل تدمير واسع للغطاء النباتي والشعب المرجانية وانتشار واسع لسموم المبيدات الحشرية وتدهور وانجراف الأراضي الزراعية وتسرب الملوثات إلى الأحواض المائية والأنشطة السياحية الخاطئة وتدهور أشجار الشورى والمناطق الرطبة وتدمير الغابات والغطاء النباتي بسبب التوسع العمراني والتلوث الصناعية وتواصل الاعتماد على مصادر الطاقة غير المتجددة وأساليب الاصطياد الجائرة.

أصبحت مسألة صون التنوع الحيوي محور أنشطة حماية البيئة، وذلك مع إعلان عدد من المناطق المحمية. إضافة إلى تنامي مستوى الوعي لدى المعنيين بالشأن البيئي بأهمية التنوع الحيوي ودور أنماط الحياة المحلية في سلامة النظم البيئية إلا أن مستوى التطبيق على الواقع ما زال بطئ ومع ذلك فقد انتشرت أنشطة الزراعة المستدامة والتشجير وطرق الصيد السليمة في أغلب محافظات الجمهورية.

بناء على التقييم الدولي للصندوق العالمي للأحياء البرية لعام 2000م فإن لليمن أربعة أقاليم بيئية ذات اهتمام دولي هي (1) البحر الأحمر، (2)خليج عدن والبحر العربي، (3) مناطق الغابات العربية، (4) سقطرى وتعتبر هذه الأقاليم البيئية ضمن أهم مناطق التنوع الحيوي على مستوى دولي وينبغي حمايتها من مخاطر الأنشطة البشرية.

تعتبر بيئة البحر الأحمر موطن مميز لبيئات الشعب المرجانية مما جعلها مركز إقليمي للأسماك واللافقاريات المستوطنة، كما تحوي أحياء نباتية وحيوانية فريدة وعدد من السلاحف البحري والطيور المستوطنة وغيرها من الأنواع النادرة كما أن 17% من الأسماك تعتبر أسماك مستوطنة إضافة إلى 90% من الأسماك المنقطة والأسماك ثلاثية الزعانف التي تعتبر أسماك مستوطنة.

كما أن بيئة البحر العربي تضم موائل ذات إنتاجية عالية  تعكس أنظمة للتنوع الفيزيائي ومواقع استيطان لمجتمعات الطحالب ذلك وأن الشعب المرجانية تغطي أكثر من 75% في بعض المناطق والأعشاب البحرية التي توفر موائل هامة لتكاثر وتربية الأحياء البحرية خاصة الرخوية منها، كما تعتبر موطن لعدد من الأحياء البحرية المستوطنة لمجموعة واسعة من اللافقاريات والطحالب إضافة إلى أنواع مميزة من الأسماك.

تضم سقطرى على امتداد جزرها بيئة حيوية فريدة وتستضيف أنواع عديدة من الأحياء المستوطنة حيث تتميز بتنوع حيوي واسع وغزير لا نظير له في أي منطقة عربية، كما إن جزر سقطرى تشكل موئل هام لعدد من الزواحف والنباتات والطيور المستوطنة . وتعتبر أيضاً موطناً لعدد من النباتات النادرة مثل أشجار الصبر وشجرة دم الأخوين التي يستخرج منها مادة صمغية حمراء اللون، إضافة إلى عدد من أنواع من النباتات المستوطنة وبعض الأنواع من الحيوانات والطيور المستوطنة.

تتميز المرتفعات الجبلية و الأراضي الحراجية في البر اليمني بتنوع حيوي واسع وتشكل مواقع ملائمة لاستراحة الطيور المهاجرة. كما أن الأحياء النباتية والحيوانية والطيور المستوطنة وشبه المستوطنة التي تعيش في هذه المرتفعات الجبلية و تشكل موطن للوعل العربي والغزال العربي والضبع المخطط والوشق والنمر العربي وبالرغم من أن المها العربي يعتبر من الحيوانات المنقرضة في البراري إلا أن هناك جهود حثيثة لإعادة تأهيلها في المنطقة.

دور وأهمية التنوع الحيوي في البيئية اليمنية:

تتمتع الجمهورية اليمنية بغنى وتنوع فريد بالموائل النباتية والحيوانية والكائنات الدقيقة المفيدة والتي تقوم بوظائف حيوية مفيدة، فالتنوع الطبوغرافي أسهم في وجود تنوع حيوي ومناخي ساعد في ظهور بيئات متنوعة لعبة دورا هام في التنوع الحيوي الزراعي والاستقرار البشري و الحفاظ على نوعية الهواء وضمان بيئة صحية للسكان، كما أن غنى التنوع الحيوي وكثافة الغطاء النباتي ساعد على حماية التربة من الانجراف. ووفقاً للمعهد الدولي للموارد فإن الأنظمة البيئية تعتبر “آليات الإنتاج للكون” حيث توفر الغذاء والماء والمواد المستخدمة في الملابس والورق والخشب للبناء (عام 2000). وقد مارس السكان اليمنيين ومنذ فجر التاريخ على مهنة اصطياد الحيوانات وصيد الأسماك وبرع في استخدام المنتجات النباتية والحيوانية لسد حاجاته اليومية من الغذاء والملبس والبناء وغيرها من الاستخدامات المختلفة والتي لازالت تمارس حتى اليوم ، يقدم الجدول (3) أمثلة لقائمة السلع والخدمات التي تقدمها أربعة نظم بيئية متوفرة في اليمن.

توفر المناطق الطبيعية أنظمة داعمة للأنظمة البيئية الحساسة اقتصادياً مثل المناطق الرطبة والتي تعد مناطق تكاثر للطيور المتوطنة والمهاجرة ومناطق غابات أشجار الشورى التي تعد من المناطق الهامة لتكاثر ونمو العديد من الأحياء البحرية ناهيك عن الاستخدامات الاقتصادية الأخرى، كما أن بعض الموائل تعتبر كنوز جينية للمحاصيل التجارية، وبما أن معظم الأنواع لم يتم تعريفها سواء في اليمن أو في الخارج يمكن الجزم مع تطور المعرفة بإمكانية اكتشاف أنواع حيوية جديد تسهم في تعزيز رفاهية السكان، لذلك تبرز العلاقة القوية والهامة بين جهود صون التنوع الحيوي واكتشاف أنواع جديدة من الموارد الحيوية الوطنية.

يمكن تقييم التنوع الحيوي باستخدام أساليب عديدة، فمن السهل تعيين قيم للموارد الحيوية المتوفرة في الأسواق مثل الخضروات والحطب والأدوية والأسماك….الخ، ولكن العديد من الوظائف لا يمكن تقديرها بقييم مادية بسهولة مثل خدمات النظم البيئية والمكاسب الاجتماعية، فمثلاً يصعب وضع تقديرات النظم البيئية والمكاسب الاجتماعية. إذً يصعب وضع تقديرات نقدية للمنتجات والمكاسب التي ينتفع منها الكثير من السكان الذين يعتمدون على منتجات النظم البيئية في حياتهم اليومية.

فالتنوع الحيوي الزراعي يعد مصدرا هاما للغذاء والأعلاف و رعي المواشية ومصدر هام للتنوع جيني الخ، و تضم المراعي أنواع واسعة من النباتات والأعشاب و الحشائش والتي تستخدم كأعلاف هامة للمواشي والأغنام والماعز في السفوح وبطون الأودية.

أما في الطب فإن بعض الأنواع من النباتات تعتبر مصادرا هامة لإنتاج العقاقير الطبية والتجارية. وبالرغم من ضعف توثيق النباتات الطبية في اليمن إلا أنه يجدر الذكر بإن النباتات الطبية والعطرية تلعب دور مهم في حياة السكان كاعقاقير صيدلانية في الطب الشعبي لمعالجة الأمراض، كما يتم استخدامها كمواد مستحضرات تجميلية وتوابل وصبغات أو نكهات، حيث قام فريق من خبراء محليين عام 1995م يوضع قائمة من 224 نوع من النباتات الطبية والعطرية .

جـــدول (3) سلــع وخدمــات النظــم البيئيــة

النظم البيئيةالسلع المرتبطة بهاالخدمات المرتبطة بها
النظم البيئية الزراعية والرعويةالمحاصيل الغذائية مواد غذائية أخرى البخور والألياف. مصادر جينية للمحاصيل أخشاب. حطب الوقود. مياه الشرب والري. أعلاف. منتجات غير خشبية غداء (العسل والفطر والفواكه وغيرها). لحوم مصادر جينيةصون وظائف مساقط المياه الشحيحة (الترشيح وتنظيم الجريان وحماية جزئيات  التربة) توفير موائل للطيور والتلقيح والأحياء الطينية الهامة للزراعة). بناء مكونات التربة العضوية. تنظيم الكربون في الهواء. توفير فرص العمل. عزل ملوثات الهواء وإنتاج الأوكسجين. الدورة الغذائية. حماية الموارد المائية (الترشيح والتنقية وتنظيم الجريان واستقرار التربة). صون التنوع الحيوي. تنظيم الكربون في الهواء. تلطيف الأثار المناخية وحدتها إنتاج التربة توفير فرص العمل. تعزيز جمال الطبيعة وتوفير مناطق استحمام.
 النظم البيئية للمياه العذبةمياه الشرب والري. الأسماك والأحياء المائية الأخرى. الطاقة الكهربائية الهيدرولوجية. مواد البناء. أدوية. – مصادر جينية.التقليل والحماية من تأثيرات الفيضانات. ذوبان ونقل المخلفات. الدورة الغذائية. صون التنوع الحيوي. توفير قنوات نقل. توفير فرص العمل. – تعزيز جمال الطبيعة وتوفير مناطق استحمام
النظم البيئية البحرية والساحليةالأسماك والمحار. الأعشاب البحرية (غذاء واستخدامات صناعية) الملح – مصادر جينيةتخفيف آثار الإعصار (أشجار الشورى والجر). توفير موائل للأحياء البرية (البحرية وعلى اليابسة). صون التنوع الحيوي. توفير موانئ وخطط الملاحة. توفير فرص العمل. – تعزيز جمال الطبيعة وتوفير مناطق استحمام.

تشكل المراعي والغابات والإحراج ما يساوي 40% من مساحة الأراضي والتي ترعي فيها أكثر من 8 مليون من المواشي والأغنام والماعز أما بقية المساحة (57% من مساحة البلد) تشكل معظمها مناطق صحراوية.

تستخدم موارد الغابات بشكل واسع في قطاعات الصناعة والبناء وأهم الأصناف المستخدمة كوقود حطب خاصة في المناطق الريفية بالإضافة إلى الأخشاب المستخدمة كمواد بناء وغيرها من الاستخدامات.

يقدر طول الخط الساحلي في اليمن بأكثر من 2500كم يمتد على ثلاثة أقاليم ساحلية مختلفة هي البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي ويشكل إقليم البحر الأحمر حوالي ثلث الخط الساحلي. إن إقليم البحر الأحمر وخليج عدن يمثل نظام بحري ومداري فريد وخليط ويتميز بتنوع حيوي فريد وموطن لحجم كبير فيها، كما أنه ممر بحري هام يربط أهم محيطات العالم. فمثلاً تقدر كميات النفط الخام المنقولة عبر البحر الأحمر بحوالي 100 مليون طن سنوياً.

أما إقليم شرق خليج عدن والبحر العربي فيتميز بكونه غني في الإنتاج السمكي نتيجة لظاهرة الجرف القاري التي توفر مواد غذائية للأسماك. وكلا منطقتي البحر الأحمر وخليج عدن تم إعلانها كمناطق خاصة بموجب اتفاقية البحار.

 يزيد عدد الجزر في البحار اليمنية على 183 جزيرة بالإضافة إلى عدد كبير من النتوات الصخرية البحرية وتتميز بتنوع مناخها وبيئاتها الطبيعية، ويقع أكثر من 151 منها في إقليم البحر الأحمر وأهمها جزيرة كمران أكبر هذه الجزر وجزيرة ميون التي تقع في مضيق باب المندب وتحتوي هذه الجزر على العديد من الشعب المرجانية وموائلها وإن كانت تختلف من حيث التنوع. أما جزيرة سقطرى فتعتبر الأكبر مساحة (حوالي 3625كم2) وتقع في البحر العربي وتتميز بتنوع فريد وغزير على مستوى الجزيرة العربية.

يعتبر قطاع الأسماك من القطاعات الواعدة للتنمية المستدامة حيث تمتلك الجمهورية اليمنية أجود أنواع الأسماك في المنطقة، ويقدر المخزون السمكي بحوالي 850 ألف طن ويؤهل باصطياد ما بين 340 إلى 450 ألف طن سنوياً بالمقارنة بكميات الاصطياد الحالية التي لا تتجاوز 158 ألف طن وفقاً لتقديرات عام 2001م. ولا يتجاوز مستوى الاصطياد هذا نسبة 40% سنوياً من الطاقة الإنتاجية.

كما أن مساهمة هذا القطاع في إجمالي الإنتاج المحلي محدود ولا يتجاوز نسبة 0.89% بموجب الأسعار الثابتة ونسبة 1.4% بموجب الأسعار الحالية لعام 2001م. وبالرغم من ذلك فإن الأسماك تعتبر من أهم صادرات السلع الغذائية وتبلغ القيمة الإجمالية لها 70 مليون دولار أمريكي، بموجب تقديرات عام 2001م كما أن الأسماك لها أهمية غذائية على المستوى المحلي وتسهم في توفير الأمن الغذائي باعتبارها مصدر هام للبروتين.

و من المتوقع أن يكون لهذا القطاع دور هام في الاقتصاد الوطني مستقبلاً في تلبية الطلب على الغذاء وتقليص الفجوة الغذائية أو الصادرات التي يمكن أن تردف إيرادات الدولة من العملة الصعبة.

بالرغم من أن الأراضي الزراعية تشكل نسبة 2.2% من إجمالي المساحة (1.668.858 هكتار) إلا أن الزراعة ما زالت تلعب دور أساسي في الاقتصاد الوطني وتساهم بمعدل حوالي 22.98% من إجمالي الإنتاج المحلي، كما تستوعب 53% من إجمالي القوى العاملة، ويعتمد ثلاثة أرباع السكان على الزراعة في توفير احتياجاتهم الغذائية إلا أن القطاع يتعرض لمجموعة من العوامل البشرية والطبيعية المؤثرة والتي بمجملها تؤدي إلى إحداث وانتشار ظاهرة تدهور الأراضي وبالتالي ستعيق دور هذا القطاع مستقبلاً.

تتكون أهم المحاصيل الزراعية من الحبوب وتشمل الذرة والقمح والشعير والدخن.  والخضروات فتشمل البطاطا والطماطم والبقوليات والقرع والبصل والجزر والباميا والباذنجان والفلفل . اما الفواكة فتشمل العنب والتمر والحمضيات والجوافة والمنجا والخوخ والتفاح والموز والعنب واللوز والرمان. والمحاصيل النقدية وتشمل القات والقهوة والقطن والسمسم والتبغ والعلف .

تقلصت زراعة محاصيل الحبوب من 787000 هكتار عام 1995م إلى 710550 هكتار عام 2001م كما إن الإنتاجية الزراعية انخفضت بحدة خلال نفس الفترة حيث تشير الإحصائيات إلى انخفاض إنتاجية الهيكتار الواحد من 1.68 إلى 1.62 طن للقمح ومن 0.96 إلى 0.93 طن للذرة والدخن من  1.3 إلى 1.22 طن بالنسبة للبقوليات.

المخاطر الرئيسية على التنوع الحيوي:

أدت التنمية الزراعية الواسعة خلال الأربعون سنة الأخيرة إلى إحداث تدهور حاد في البيئة الطبيعية ففي عام 2001 شملت الأنشطة الزراعية حول 72% من الأراضي القابلة للزراعة إضافة إلى 0.8 مليون هكتار كمراعي وكلأ، كما أن استغلال  الأراضي للإنتاج الزراعي أدى إلى إندثار عدد من الموائل الطبيعية والتسبب في إحداث تلوث على نطاق واسع خاصة مع تزايد استخدام المبيدات والأسمدة الكيماوية والإفراط في عملية الرى التقليدي التي تسببت في ملوحة التربة.

حيث شهدت السنوات الأخيرة توسعا ملحوظا باستخدام الآلات والأسمدة والمبيدات الحشرية بالإضافة إلى إدارة ضعيفة لإخصاب التربة وسوء تغذية النباتات والرعي الجائر. وقد أدت هذه الممارسات الزراعية الخاطئة إلى إحداث أضرار مباشرة على نوعية موارد الأراضي، وبالتالي قلصت خيارات احتياجات استخدام الأراضي الأخرى، ومن المرجح أن يؤدي الاستمرار في استخدام الكيميائيات إلى إحداث تغيير في خصائص التربة وذلك نتيجة للارتفاع المتسارع في استخدام كميات المخصبات الزراعية كلما فقدت التربة مكوناتها العضوية، ويترتب على ذلك على المدى الطويل اتساع رقعة التصحر بسبب هجر الأراضي نتيجة لانخفاض مستويات الخصوبة فيها وارتفاع تكاليف استغلالها.

إن الممارسات الزراعية الخاطئة مثل نظام الإنتاج المحصولي  الفردي خاصة الحبوب أو ثنائي متكرر ومعتمد على الآليات في الأراضي الزراعية المطرية أدت إلى فقدان التربة لخصوبتها مما فاقم المشكلة وسهل عملية إنجراف التربة أو التعرية الهوائية نتيجة لانخفاض خصوبتها وبالتالي التدهور المحصولي ، كما أن استخدام الأراضي الزراعية الهامشية خلال مواسم الأمطار الشحيحة نتج عنها تضاءل حجم المحصول الزراعي وإهمال هذه الأراضي لاحقاً مما أدى إلى تعرضها للتصحر، مثل هذه الممارسات في الهضاب الساحلية ومنطقة مأرب أدت إلى التعرية الهوائية و تراكم الكثبان الرملية مما أسهم في اتساع رقعة التصحر على حساب الأراضي الزراعية والبنية التحتية، أما في المناطق الأخرى فقد أدت إلى ارتفاع معدلات انجراف التربة على امتداد المنحدرات الجبلية وتدهور الأراضي والتصحر.

وباختصار فإن الغطاء النباتي يتدهور بشكل متسارع كنتيجة مباشرة للتصحر والجفاف وبوجه خاص للأسباب التالية:        

  • الممارسات الزراعية الخاطئة.
  • قطع الغطاء النباتي والأشجار لأغراض وقود الحطب والبناء والفحم .
  • الرعي الجائر.
  • تملح التربة وانخفاض خصوبتها .
  • التعرية الهوائية وانجراف التربة وزحف الكثبان الرملية.
  • الزحف العمراني والبنية التحتية حول المناطق الحضرية والأرياف.

إن المخاطر التي تهدد الأحياء البرية تشمل: 

  • تدهور وتدمير الموائل الطبيعية.
  • الاصطياد الجائر.
  • شق الطرق – سهولة الوصول إلى المناطق النائية.

وبالمثل فإن نوعية وكمية المياه العذبة تتعرض للمخاطر بسبب عدة عوامل منها الاستنزاف الجائر لمصادر المياه وتدهور بيئات المناطق الرطبة والاستخدام الجائر للمبيدات الحشرية، وسوء استخدام المخصبات وعدم معالجة المياه العادمة وارتفاع معدلات المخلفات الصناعية.

تتعرض البيئة البحرية والساحلية لمخاطر الصيد الجائر وممارسات صيد ضارة والتي تشكل أيضاً مخاطر على الشعب المرجانية، كما أن الاستكشافات النفطية ونقلها أدت إلى تسرب الزيوت في بعض الأحيان. إضافة إلى أن تصريف مياه الصرف الصحي وانجراف الكيميائيات الزراعية بواسطة السيول والترسبات الناتجة عن التنمية الحضرية أدت بمجملها إلى مخاطر تهدد الشعب المرجانية. بالإضافة الى إن التنمية الحضرية والصناعية والساحلية والردم تشكل تهديدا  للبيئة الساحلية ، كما أن السياحية الترفيهية أسهمت إلى حد ما في تدهور الشعب المرجانية .

 وفي الأخير فإن التنوع الحيوي البحري والساحلي بما في ذلك في الجزر اليمنية والمناطق الساحلية والمناطق الرطبة تتعرض للمخاطر نتيجة لقطع أشجار الشورى لأغراض التحطيب والرعي ووقود الخشب والمشاريع التنمية الجديدة.

وهناك مخاطر أخرى تهدد البيئة البحرية والساحلية تشمل الاستخدام العشوائي للمناطق الساحلية وتدمير البيئات والموائل الطبيعية والتنافس بين مختلف الاستخدامات والردم العشوائي للمناطق الساحلية وتدمير البيئات القاعية بسبب جرف الأسماك وتدمير الأنواع المهددة بالانقراض بسبب الصيد غير الانتقائي.